Inquiries into the Miraculous Nature of the Quran
مباحث في إعجاز القرآن
Daabacaha
دار القلم
Lambarka Daabacaadda
الثالثة
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Goobta Daabacaadda
دمشق
Noocyada
كالأمثال السائرة الخفيفة على اللسان الغزيرة في الجنان، فلو عوّل في تعليمها على كلام طويل لضاعت في مطاويه، ولما تمكّنت الأذهان من استيعابه من بين جزئيّات الأحكام والهدايات الأخرى.
لذا نقول: يجب التفريق بين أمرين:
الأول: ما وقع به التحدي، فالتحدي لم يقع على أقل من سورة، والسورة تطلق على القصيرة والطويلة، والسورة بشخصيتها المستقلة هي المقصودة في آيات التحدي والإتيان بمثلها خارج عن طوق الإنس والجن وإن قصرت كسورة الكوثر.
الأمر الثاني: القدر الدال على كون القرآن كلام الله، أي معرفة مصدر القرآن وكونه وحيا منزلا من الله وهذا لا يتقيد فيه بمقدار معين، فقد يدرك ذلك من خلال سورة أو من خلال آية واحدة أو بعض آية أو كلمة واحدة، فورود بعض الكلمات في سياق الحقائق الكونية أو الحقائق العلمية في النفس الإنسانية يدل على أن ذلك لا يدخل في نطاق العلم البشري كما في قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتًا (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتًا (٢٦) [المرسلات:
٢٥، ٢٦] وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا (٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضًا يَسِيرًا (٤٦) [الفرقان: ٤٥، ٤٦]، وقوله تعالى: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ [الزمر: ٦].
فهذه الحقائق لم تكن في مقدور أحد من البشر أن يحيط بها علما عند نزول القرآن الكريم، فدل ذلك على أن الذي يعلم السر في السماوات والأرض هو منزل القرآن الكريم وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦) [الفرقان: ٤ - ٦].
1 / 42