Inqilaabka Cuthmaani

Joorji Zaydaan d. 1331 AH
77

Inqilaabka Cuthmaani

الانقلاب العثماني

Noocyada

فقال عزت: «لا أكذب جلالة مولاي البادشاه أن هذا الخبر من الأهمية بمكان عظيم، لكنني لا أتوقع تنفيذه لاختلاف الدول في المقاصد والأغراض، وإن كان ذلك لا يمنع سعينا في سبيل إفساده.»

قال: «هل دبرت لذلك شيئا؟ إني شديد الثقة بك.»

قال: «إن هذه الثقة التي لا أستحقها تجعلني عبدا رقا أبذل حياتي في مصلحة جلالة السلطان، وأنا مفكر في أمر سأعرضه بعد قليل.»

وكان السلطان جالسا على كرسيه في قاعة الاستقبال والمحفظة لا تزال أمامه، فلما سمع قول عزت تشاغل بإزاحة المحفظة إلى ما بين يديه وقال: «أنت تعلم يا عزت أنك موضع ثقتي بل أنت صديقي الوحيد، ولا أنسى الخدمات الجزيلة التي قمت بها دون سواك من رجالي وقليل فيهم الصادق المخلص، ومع كثرة الحائمين حولي قل من أعول عليه، بل أنا لا أعول على سواك. أتعلم ماذا أطلب إليك؟»

قال: «إني عبد مولاي وطوع إرادته وأفديه بروحي.»

قال: «بارك الله فيك! أنت تعلم ما نقاسيه من أولئك الغلمان الذين يسمون أنفسهم الأحرار، وكثيرا ما أنبأتني بضعفهم وعجزهم عن غير الصياح، وقد كفاني منير باشا سفيرنا في باريس مئونة كثيرين منهم حتى اضمحل شأنهم وانحلت جمعيتهم. لكنني علمت بالأمس أنهم استأنفوا أعمالهم من سبيل آخر، فألفوا جمعية في سلانيك دخل فيها كثيرون من الضباط، ولم يعرف الجواسيس أحدا من هؤلاء لأنهم شديدو التكتم. غير أن ناظم بك قومندان مركز سلانيك تمكن بواسطة أحد أعوانه من القبض على واحد منهم وحمله إلينا مع أوراقه وهي هنا في هذه المحفظة، وقد قرأتها وفهمت منها أن أولئك الملاعين يعملون بدهاء وحذر، ويهمني الآن معرفة الأعضاء العاملين في هذه الجمعية. وهذا لا يمكن الاطلاع عليه إلا من زميلهم هذا، وهو مسجون في قصر مالطة للآن، لكنه صعب المراس فلم أرد أن يستجوبه أحد سواك وإن لم أكلفك مثل هذا الأمر من قبل، وهذا يدلك على مبلغ ثقتي بك.»

وكان عزت يصغي لكلام السلطان متحفزا للرد، والذكاء ينبعث من عينيه ويخترق أقصى ضمير السلطان. فلما فرغ هذا من كلامه أجابه قائلا: «لم يكن أمر هذه الجمعية غريبا عن عبدكم، ولا أنا ساكت عنها، وإن كنت لم أذكر شيئا من أمرها لمولاي البادشاه تجافيا عن التنويه بسهري على الدولة ومقاومة المارقين الأغرار. إن هذه النهضة لم يكن منشؤها في سلانيك فقط، لكنها ظهرت في الشام وكادت تشتعل نارها لو لم أبادر بقطع دابرها من هناك.»

فنظر عبد الحميد إلى عزت نظر الرضا والارتياح، وابتسم وعيناه تتلألآن ببريق الارتياح والإعجاب، حتى ليتوهم من يراه أنه مثال الإخلاص والطيبة، وكثيرا ما خدع هذا المنظر جلساءه، بل إن عزت رغم طول اختباره وفرط دهائه كثيرا ما كانت هذه النظرات تؤثر فيه. وهم بأن يتم حديثه فقطع عليه عبد الحميد كلامه قائلا: «بورك فيك من صديق مخلص! قد علمت ذلك من السر خفية، وهذا عهدي بإخلاصك. فالآن أرجو أن تكشف لنا أمر جمعية سلانيك من هذا السجين.»

فأشار عزت مطيعا وقال: «سيكون ذلك بفضل الله وتوفيق الحضرة الشاهانية المقدسة التي أفديها بنفسي وأهلي.»

فنهض السلطان وهو يقول: «إن صدري ينشرح كلما رأيتك، وأشعر إذا كلفتك بأمر أنه مقضي.»

Bog aan la aqoon