Inqilaabka Cuthmaani

Joorji Zaydaan d. 1331 AH
121

Inqilaabka Cuthmaani

الانقلاب العثماني

Noocyada

قال: «العمل أن تفري من هذه القصور بما خف حمله ومعك شيرين، وأبقى أنا هنا حتى أتمم المهمة التي أتيت لأجلها. هذا هو رأيي، ولا يصح تأجيل فراركما إلى الغد.»

فنهضت وهي تعمل فكرها وقالت: «سأذهب لأدبر وسيلة للفرار الليلة، فامض أنت لشأنك مشكورا، وسأذكر فضلك ما حييت.» ثم ودعهما الدكتور، فبكت شيرين وتوسلت إليه أن يفر معهما، لكنه قال: «لا بد من وجودي هنا لمصلحة الجمعية، أما أنت فتجلدي واصبري، وستدور الدائرة على الباغي ولو بعد حين.» وخرج. •••

كان عبد الحميد بعد ذهاب رامز وأبيه يتوقع أن تنجح حيلته، وقد أوشكت أن تنجح ويقع أعضاء الجمعية في الفخ لولا أن بادر سعيد فأسمعهم وصية مدحت. وظل عبد الحميد يومين في انتظار النتيجة وهو لا يستقر له قرار، وكان يتوقع أن يوافيه ناظم بخبر الجمعية في اليوم التالي، فلما أبطأ عليه الخبر جعل ينتحل الأسباب لتأخيره.

وبينما هو في ذلك إذ أتاه نادر أغا في الصباح يخبره بفرار القادين ج مع شيرين، فاقشعر بدنه وأخذ في البحث والتحقيق حتى قلب يلدز رأسا على عقب، فتبين بعد البحث أنها فرت مع فوزي بك أحد كبار الياوران، وهو رئيس فرقة من الحرس الألبان المعهود إليهم حراسة تلك القصور فسقط في يده، وبث الأرصاد والعيون في أطراف المملكة. وقد تشاءم من فرار تلك القادين لما يعتقده من علاقة حملها بحياته، فاسودت الدنيا في عينيه وأحس بفشل لا عهد له بمثله. ولم يتوسط النهار حتى جاءته برقية من ناظم بك في سلانيك يخبره فيها أن أحد أعضاء الجمعية حاول قتله بأن أطلق عليه الرصاص فأصابه لكنه لم يمت، وأن الجمعية أصبحت ذات خطر يخشى منه.

ثم جاءته برقية أخرى بأن فدائيا قتل سامي بك مفتش البوليس أثناء ذهابه إلى قروشوه، وكان السلطان قد كلفه بالبحث عن رئيس الجمعية والفتك به، وتوالت البرقيات باضطراب الأحوال في مقدونيا وألبانيا وأن الناس في خوف شديد.

وكان عبد الحميد يتلو هذه البرقيات في غرفة المطالعة بالقصر الصغير كالعادة، والباشكاتب بين يديه، فأخذ يظهر عدم الاكتراث أمامه ويشدد عزيمته ليوهمه أنه على ثقة من قدرته. ثم خاف أن يبدو ضعفه فيصبح في خوف على حياته من أعوانه، لاعتقاده أن هؤلاء الأعوان لا يطيعونه إلا خوفا من بطشه أو طمعا في ماله، فإذا رأوا منه ضعفا انقلبوا مع الجانب الأقوى فنهض وهو يتكلف الضحك وقال: «لقد آن لي أن أفتك بهؤلاء الأغرار، إن الرفق بهم لم يجد نفعا.»

فوقف الباشكاتب واستأذن وهو يعلم أن عبد الحميد يكاد يموت خوفا، ولكنه أظهر أنه صدقه وانصرف.

أما عبد الحميد فدخل غرفة الكتابة ليخلو إلى نفسه، وما دخلها حتى تنفس الصعداء وقال: «ويل لهم! إنهم يفتكون برجالي، إنهم غير الأحرار السابقين الذين كنت أبتاعهم بالأموال. متى كان أولئك الملاعين يعرضون أنفسهم للقتل ولا يبوحون بالسر؟! حتى النساء صرن كالرجال شدة وبطشا!» وتذكر القادين وشيرين فقف شعر رأسه، وقال: «ويل لك يا أرمنية! لقد خرجت من يلدز حية مع جنينك لأنني أخطأت بالتسويف في أمرك، وكان ينبغي أن أقتلك حالا. ويلاه! قد خرجت ونجت ولا تلبث أن تضع طفلها، وهو الذي سيكون شؤما علي! هل أفل نجم سعدك يا عبد الحميد وانقلب الزمان عليك؟» قال ذلك وقد غص بريقه وبكى بكاء حقيقيا، ثم تشدد ووثب وهو يقول: «متى اتحد أولئك الملاعين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم؟! لا ينبغي أن أيأس وأنا عبد الحميد، وقد غالبت أولئك الغلمان ثلاثين سنة وغلبتهم، أفيعجزني أمر هذه الشرذمة؟ لا بد من التفريق بينهم، ولا بد من الفتك بهم.»

وأطرق لحظة يفكر، وتناول سيكارا وأشعله ثم جعل يخطر في الغرفة ذهابا وإيابا، ثم صاح بغتة: «شمسي! شمسي هو الرجل اللائق بهذا العمل، إنه فتاك شديد. هل أستشير أحدا بشأنه؟ لا، إنه الرجل الشديد، وقد ادخرته لهذه الغاية، سأرسله وأفوض إليه أن يعزل ويولي ويقتل ويرقي. وأرسل من الجهة الثانية من يفرق بين مذاهبهم. إن صائبا ماهر، وسأرقيه فيتفانى في خدمتي، وقد كان في مقدمة الذين أفلحوا في الكشف عن الجمعية وأعضائها. المال، المال، سأبذله هذا وقته، قد ادخرته لمثل هذه الساعة.»

وقضى ساعة في مثل ذلك، ثم طفق يدبر أسباب المقاومة. •••

Bog aan la aqoon