لا تحلف بشيء، ولا تعد بشيء؛ لأن الإنسان جميعه تحت سلطة الله، والناس لا يجنحون إلى القسم إلا في أعمالهم الشريرة.
الوصية الرابعة:
لا تقاوم الشر واحتمل الإهانة، واعمل أكثر مما يطلبه منك الناس، لا تحاكم أحدا ولا تقد ذاتك للمحاكمة، فالإنسان مملوء بالأغلاط ولا يستطيع تعليم الآخرين، وإذا أراد الإنسان أن يجنح إلى الانتقام؛ فإنه يعلم الناس أن يحذوا حذوه وينسجوا على منواله.
الوصية الخامسة:
لا تفرق بين مواطنيك والغرباء؛ لأن جميع الناس أبناء أب واحد.
ثم لا نقصد بإتمام هذه الوصايا والسير بموجبها أن تنال ثناء الناس وتمجيدهم، كلا؛ بل أتمها لنفسك لتحصل بواسطتها على الغبطة والسعادة، ثم إنه لا لزوم للصلاة والصيام مطلقا، أما عدم ضرورة الصلاة فهو لأن الآب يعلم ما يحتاجه الناس؛ ولذلك فليس من ثم لزوم لأن يطلبوا منه شيئا، بل يجب عليهم أن يسعوا جهد طاقتهم؛ لكيلا يخرجوا عن طاعته ويتعدوا حدود إرادته التي تطلب من كل واحد ألا يحقد على أحد ولا يجلب الشر للغير، وأما عدم لزوم الصيام فلأن الناس يصومون لكي يمجدهم الناس، والعاقل من يتجنب هذا المجد العاطل الذي ينفخ في الرءوس روح الكبر والخيلاء والغطرسة، والذي يهتم بالجسد فلا يستطيع الاهتمام بالملكوت السماوي، والإنسان أيضا إذا لم يهتم بما يأكل ويشرب ويلبس فإنه يبقى حيا يرزق، فإن الآب يعطيه الحياة، وما على الإنسان إلا أن يهتم في ساعته الحاضرة أن يكون خاضعا لإرادة الله، والآب يعطي أولاده جميع ما يحتاجون إليه، وعليه أن يطلب فقط قوة الروح التي يعطيها الآب وحده.
إن الخمس الوصايا المذكورة آنفا ترشد الناس إلى الطريق الذي يؤدي إلى ملكوت السموات، وهذا الطريق الضيق وحده يوصل الناس إلى الحياة الأبدية، غير أن المعلمين الكاذبين أو الذئاب الذين يظهرون بثياب الحملان يسعون جهدهم لتضليل الناس وإبعادهم عن ذلك الطريق، فينبغي الاحتراس منهم ورفض تعاليمهم، ومن السهل معرفة هؤلاء المضلين؛ لأنهم يعلمون الناس الشر باسم الخير، فإذا كان أساس تعليمهم مبنيا على القوة والقتل فهم كذبة ماكرون، فمن ثمارهم تعرفون تعليمهم.
ليس كل من يذكر الله كثيرا يتمم إرادته، بل الذي يفعل أفعال الصلاح والخير؛ ولذا فمن يتمم الخمس وصايا المذكورة فإنه ينال حياة خالدة ثابتة لا ينزعها منه أحد، ومن لا يتممها فذاك تكون له حياة ضعيفة تنزع منه حتى لا يبقى له شيء.
وأما تعليم المسيح: فكان يدهش القوم ويوافق مشاربهم؛ لأنه كان يعلم أن جميع الناس أحرار.
وكان من جهة أخرى متمما لنبوة أشعياء النبي القائل: إن مسيح الله المختار قد جاء بالنور إلى العالم، وقد غلب الشر وأقام الحق بالتواضع والانكسار والصلاح وليس بالقوة.
Bog aan la aqoon