Injad Fi Abwab Jihad
الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه
Baare
(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)
Daabacaha
دار الإمام مالك
Goobta Daabacaadda
مؤسسة الريان
Noocyada
Fiqiga
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= وكذا إن كان متأولًا، وتأويله صحيحًا، كإقامته بدار الحرب؛ لرجاء افتكاكها وإرجاعها للإسلام، أو لهداية أهل الكفر أو نقلهم عن ضلالةٍ ما ...» .
ومما لا شك فيه أن هذا كله منوط بالقدرة والاستطاعة؛ لقوله -تعالى-: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ولقوله -سبحانه-: ﴿فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، فإن لم يجد المسلم أرضًا يأوي إليها غير الأرض التي هو فيها؛ يأمنُ فيها على دينه، وينجو من الفتنة الواقع فيها، أو حيل بينه وبين الهجرة بأسباب مانعةٍ قاهرةٍ لا يستطيعُ تذليلها، أو استوت الأرض كلها في الأسباب والدواعي الموجبة للهجرة، أو علم في نفسه أن بقاءه في أرضه آمن لدينه ونفسه وأهله، أو لم يكن من مُهاجَر إلا إلى أرض يحكم فيها بالكفر الصّراح علانية، أو كان بقاؤه في أرضه المأذون له بالهجرة منها محققًا مصلحة شرعية، سواءٌ أكانت هذه المصلحة للأمة، أم بإخراج أهل الكفر من كفرهم، وهو لا يخشى الفتنة على نفسه في دينه، فهو في هذه الأحوال كلّها، وفي الأحوال التي تحاكيها، ليس في وسعه إلا أن يبقى مقيمًا في أرضه، ويُرجَى له ثواب المهاجرين، فرارًا بدينهم، وابتغاء مرضاة ربهم.
قال البرزلي في «فتاويه» (٢/٣٠) فيما نقله عن ابن الحاج في كتابه «النوازل»، قال:
«من خرج من وطنه فارًا بنفسه وماله وولده مخافة العدو وفرضته، فلما اتصل ببلد الإسلام أراد الرجوع لوطنه المذكور وهو على ما ذُكر من الخوف من العدو، وهل يكون في رجوعه من المرابطين، أو من المغرّر بنفسه، أو بقاؤه في موضعه أفضل، أو في زعمه أنه يكون مرابطًا وأفضل لزيارة أهله؟
جوابها: رجوعه لوطنه وتلافيه المخافة وتكثير عدد المسلمين أفضل من بقائه في الموضع الذي هو فيه. ولزومه للموضع المخوف من أبواب الرباط، والترغيب فيه مأثور. فقد روي عنه ﵊ أنه قال: «كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله ويؤمن من فتان القبر» .
قلت: رجوعه لوطنه بنفسه لا بأهله لقوله في السؤال (بنفسه) وقوله: وأفضل له لزيارة أهله؛ لأن الرواية عن مالك أنه لا يكون مرابطًا إذا كان بأهله. وحكى ابن رقيق في ترسيم القيروان أنها دون ما تقصر فيه الصلاة من العدو من أجل أن يكتب لهم فضل الرباط. وكذا ما حكى أن أهل تونس كانوا يكبرون بعد العشاء الآخرة والصبح قبل هذا الزمان، ويقولون إنّ مالكًا نصّ على أنها الرباط في كتاب الحبس منها. فظاهر هذا أنه مرابط، ولو كان بأهله. وإن كان بعضهم أنكر هذا الأخذ، ويحملها على من ليس له بها أهل. وقال شيخنا الفقيه الإمام: يختار إن سكنها برسم الرباط وجلب الأهل للإعانة عليه فهو مرابط، وإن سكن بغير أهل أفضل، وإن اتخذها وطنًا من غير هذه النية؛ فليس بمرابط.
ورسم الرباط هو موضع الحرس في الأوقات التي يتوقع فيها العدو. فلو كان العدو حاضرًا أو توقع حضوره فهو الحرس» . =
1 / 70