298

Injad Fi Abwab Jihad

الإنجاد في أبواب الجهاد وتفصيل فرائضه وسننه وذكر جمل من آدابه ولواحق أحكامه

Baare

(مشهور بن حسن آل سلمان ومحمد بن زكريا أبو غازي) (ضبط نصه وعلق عليه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره)

Daabacaha

دار الإمام مالك

Goobta Daabacaadda

مؤسسة الريان

Noocyada

Fiqiga
فإذا تقرر من مستند الشرع وأقوالِ العلماء في ملاحظة ثبوت الأمان: مراعاة ما دلَّ عليه من قولٍ أو إشارة أو استشعار؛ فأقول: كلُّ لفظٍ على أي لغةٍ كان، واصطلاحٍ حدث، أو كتابة بأي خطٍّ في مثل ذلك، مما اصطُلح عليه، أو إشارةٍ ورمزٍ ونحو ذلك مما يُتفاهم بمثله، يُشْعِرُ به المسلمُ الحربيَّ أمانًا، أو يستشعر منه الحربي الأمان، سواء أراده المسلم أو لا، فهو أمانٌ في الحال، مما وافق ما قصده المسلم من ذلك، ولم يكن فيه وجه من وجوه الفساد، ويجب إمضاؤه والوفاء به إلى غايته، وما لم يكن مراده منه التأمين، إلا أن الحربي نزل على ذلك مُستشعرًا فيه أمانًا، وجب فيه ردُّ الحربي إلى مأمنه، ثم يعود الأمر معه على أوَّله، ولا يحل اغتياله على هذا الوجه بحال، والدليل على صحة هذا الحدِّ: أن ما كان من
الأقوال المتعارفة في ذلك، فلزومه مما لا إشكال فيه، وكذلك على كلِّ لغة؛ لأن ذلك لا يلزم في اللسان العربي لخاصية أنه عربي، لكن من حيث هو وُضِعَ في التخاطب لإفهام الأمان، فكذلك سائر الألسنة (١) .
وأما الكتابة، وما يَجْرِي مجراها من الإشارة ونحوها، فكلُّ ذلك من باب الإصطلاح والإفهام، لا فرق بينه وبين الكلام، والحكم في ذلك للمعنى والإفهام، لا لمجرد اللفظ، وفيما ثبت من كتب رسول الله ﷺ إلى ملوك الكفر يدعوهم إلى الإسلام، وإشارته -كما تقدم- لأصحابه في غير ما موضع، وإشارةِ التي رضخها اليهودي بالحجارة، فأشارت إليه ﷺ برأسها، وقد سألها عن قاتلها: أن لا، حتى سألها الثالثة، فقالت: نعم؛ وأشارت برأسها؛ فقتله رسول الله ﷺ بين حجرين.

= مذهب الثوري، حكاه عنه أحمد واستحسنه فيما نقل الكوسج في «مسائل أحمد وإسحاق» (٢/ ١٦-١٧) .
(١) هذا الكلام صحيح وقوي بناءً على ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في «القواعد النورانية» (ص ١٣٢-١٣٥)، وغيره من أن كل اسم لم يكن له حد في اللغة ولا في الشرع، فالمرجع فيه إلى عرف الناس.

1 / 309