الأوثانِ، والفواحش -التي حرّم الله تعالى- مدّة طويلةً، لم يُؤمر في شيءٍ من تلك المدّة بقتال؛ بل كان يؤمر بالإعراض عنهم، وبالصَّفح الجميل، والصَّبرِ على أذاهم؛ إمهالًا من الله -تعالى-، وإبلاغًا في الحجَّة، وإعذارًا في المُدَّة.
قال الله -تعالى-: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: ٩٤]، وقال -تعالى-: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ [البقرة: ١٠٩]، وقال -سبحانه-: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل لَهُمْ﴾ [الأحقاف: ٣٥] .
ولم يزل رسول الله ﷺ مُعلنًا بالرسالة والنَّذارة، صابرًا على ما يناله في ذلك من الأَذى، ناصِحًا لهم، مُحتسبًا ما أصابه فيهم، إلى أن آمن بالله وبما جاء به رسول الله ﷺ مَنْ أراد الله -تعالى- به خيرًا، وجعل له نورًا، وعاندَ من شاء الله
-تعالى-، وأقام رسول الله ﷺ على ذلك بمكة عشر سنين، وقيل: ثلاث عشر سنة، وفي ذلك يقول أبو قيس صِرمة بن أبي أنس بن صِرمة؛ من بني النَّجار (١):