Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir
الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير
Noocyada
أما أقل الصداق فاختُلِف فيه فذهب أحمد والشافعي إلى أنه لا تقدير لأقله بل ما جاز أن يكون مبيعًا أو ثمنًا جاز أن يكون صداقًا (^١)، وقال مالك وأبوحنيفة: يتقدر بنصاب السرقة. (^٢)
والصحيح أنه لا يتقدر، ويدل لذلك قوله ﷺ للرجل الذي لم يجد ما ينفقه صداقًا: «التمس ولو خاتمًا من حديد»، فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال ﷺ: «هل معك من القرآن شيء»؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا - لسور سماها- فقال النبي ﷺ: «قد زوجتها بما معك من القرآن» (^٣)
فدلّ على أن لا تقدير لأقل الصداق، لأنه قال: «التمس شيئًا» وهذا يدل على جواز أي شيء كان من المال، ولأنه قال: «ولو خاتمًا من حديد»، ولا قيمة لخاتم الحديد إلا أقل القليل.
ويدلّ له أيضًا قوله تعالى في هذه الآية: ﴿إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ فسمى المهر أجرًا، وتسمية المهر بالأجر يدل على أن الصداق لا يتقدر، كما أن أقل الأجر لا يتقدر في الإجارات؛ لأن حكم الإجارة ثبت في المنفعة وكذلك حكم النكاح.
وهذا قول جمهور أهل العلم وجماعة أهل الحديث من أهل المدينة وغيرها (^٤)، كلهم أجازوا الصداق بقليل المال وكثيره، كما هو الظاهر من دلالة هذه الآية، والأحاديث الصحيحة تؤيده، والعلم عند الله تعالى.
(^١) ينظر: الأم للشافعي ٧/ ٢٨٢، والكافي في فقه الإمام أحمد ٣/ ٥٨، والمغني ٧/ ٢١٠.
(^٢) ينظر: المدونة ٢/ ١٥٢، وبدائع الصنائع ٥/ ١٢
(^٣) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: السلطان ولي، برقم (٥١٣٥) (٧/ ١٧)
(^٤) ينظر: المدونة ٢/ ١٥٢، والمهذب ٢/ ٥٦، والمبسوط ٥/ ٨١، والمغني لابن قدامة ٧/ ٢١٠، والكافي في فقه أهل المدينة ٢/ ٥٥١.
1 / 317