169

Inference by Al-Khatib Al-Sharbini in His Interpretation of Al-Siraj Al-Munir

الاستنباط عند الخطيب الشربيني في تفسيره السراج المنير

Noocyada

يتعقبه الكفر فيموت صاحبه كافرًا ليس بإيمان، كالصلاة التي أفسدها صاحبها قبل الكمال، والصيام الذي يفطر صاحبه قبل الغروب). (^١) ولبعض المفسرين وأهل العلم توجيه آخر للآية، فقال ابن عثمين: (زعم بعض العلماء أن المراد: كان من الكافرين في علم الله بناءً على أن (كان) فعل ماضٍ؛ والمضي يدل على شيء سابق؛ لكن هناك تخريجًا أحسن من هذا: أن نقول: إن «كان» تأتي أحيانًا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقق اتصاف الموصوف بهذه الصفة؛ ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٩٦]، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٥٨]، وقوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ١٣٤]، وما أشبهها، هذه ليس المعنى أنه كان فيما مضى بل لا يزال؛ فتكون (كان) هنا مسلوبة الزمان، ويراد بها تحقيق اتصاف الموصوف بما دلت عليه الجملة؛ وهذا هو الأقرب، وليس فيه تأويل؛ ويُجرى الكلام على ظاهره). (^٢) وقال ابن عاشور: (والذي أراه أحسن الوجوه في معنى ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ أن مقتضى الظاهر أن يقول (وكفر) كما قال: ﴿أَبَى وَاسْتَكْبَرَ﴾ فعدل عن مقتضى الظاهر إلى و﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ لدلالة (كان) في مثل هذا الاستعمال على رسوخ معنى الخبر في اسمها، والمعنى أبى واستكبر وكفر كفرًا عميقًا في نفسه، وهذا كقوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ [الأعراف: ٨٣]، وكقوله تعالى: ﴿نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: ٤١] دون أن يقول أم لا تهتدي؛ لأنها إذا رأت آية تنكير عرشها ولم تهتد كانت راسخة في الاتصاف بعدم

(^١) شرح الطحاوية (٢/ ٤٩٥)، وينظر: الإيمان لابن تيمية (١/ ٣٣٥)، والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (٤/ ٤٨)، ولوامع الأنوار البهية (١/ ٤٣٢). (^٢) تفسير العثيمين: سورة البقرة (١/ ١٢٥).

1 / 169