قالت الليدي ويلو، وقد قامت ثانية، ويبدو عليها أنها كانت عازمة على الرحيل: «يا له من أمر مريع!» وكان من الواضح أن أي تعامل مع تلك الفتاة الأمريكية كان مستحيلا. «اجلسي ثانية، ليدي ويلو. سنفترض أنني غير جديرة على الإطلاق بمرافقتك؛ لذا، دعينا لا نقل المزيد عن هذا الأمر؛ لكنني أريد التحدث إليك.» «لكنك ستكتبين شيئا ...» «أنا لن أكتب كلمة عنك ولا عن أي شيء تقولينه لي. كما ترين، إن مهنتك غريبة بالنسبة إلي كما تبدو مهنتي بالنسبة إليك.» «مهنتي؟ أنا ليس لدي مهنة.» «حسنا، أيا كان ما تسمين الأمر. أقصد الطريقة التي تكسبين بها المال.»
تنهدت الليدي ويلو، وترقرقت الدموع في عينيها. «أنت لا تعرفين، يا صغيرتي، المصاعب التي قد يصادفها الشخص الذي أصبح فجأة بلا عائل، وعليه أن يفعل كل ما في وسعه للحفاظ على المظاهر.»
قامت جيني على الفور، وأمسكت بيد السيدة العجوز التي لم تبد أي مقاومة، وأخذت تمسدها بيدها بلطف.
ردت، بارتعاش قليل في صوتها: «كيف هذا؟ أنا بالطبع أعرف هذا، ولا يوجد شيء أفظع في هذه الدنيا من الفقر. إن كان هناك بلد متحضر بحق في هذا الوجود، لكان سيوفر كل ما تحتاج إليه نساؤه. يجب أن تضمن كل امرأة ما يكفل لها مواصلة العيش؛ فقط لأنها امرأة. إن خصصت إنجلترا لنسائها الأموال التي أنفقتها في الأعوام المائة الأخيرة على الحروب البغيضة، أو إن أنشأت أمريكا صندوقا لدعم النساء من الأموال التي سمح لسياسييها بسرقتها، فربما كانت ستحصل نساء هذين البلدين الهمجيين على دخل لن يجعلهن، على الأقل، يخشين الحاجة والعوز.»
بدا أن حماس الآنسة بروستر لم يهدئ من روع الليدي ويلو، بل زادها انزعاجا. وقالت في تردد: «أخشى، يا عزيزتي، أنك تعتنقين بعض الأفكار الغريبة للغاية.» «ربما؛ لكنني لدي فكرة واحدة ليست غريبة؛ وهي أنك ستكونين مسئولة عن فتاة وحيدة لا صديق لها لبضعة أسابيع على الأقل ... حتى تأتي ابنة صاحب شركة تعبئة لحم خنزير غني من شيكاجو، التي لن تصل إلى هنا قبل شهر أو اثنين. إننا لن نتحدث عن شروط العمل؛ سأدفع لك كل ما سيتبقى معي بعد دفع مقابل تنقلاتي بعربات الأجرة ذات الخيول.» «سأكون مسرورة للغاية لفعل ما يمكنني فعله من أجلك، يا عزيزتي.»
خففت الليدي ويلو من حدة نبرتها تجاه عميلتها الشقراء، وتبنت الآن نبرة عطوفة بعض الشيء معها، وهو ما أعجب جيني على ما يبدو. «سأحاول ألا أكون مصدر إزعاج كبير لك، على الرغم من أنني على الأرجح سأسألك العديد من الأسئلة. كل ما أريده في واقع الأمر هو فقط رؤية حديقة الحيوان، وسماع الحيوانات وهي تصيح، ورؤيتها وهي تأكل. وأنا لا أطمح لسرقة أي منها.»
قالت الليدي ويلو باندهاش: «أوه، هذا سيكون من السهل القيام به. يمكننا الحصول على تذكرتين من أحد العاملين في جمعية علم الحيوان، وهو ما سيدخلنا إلى هناك يوم الأحد، حيث لا يوجد سوى عدد قليل من الأشخاص.»
ضحكت جيني بابتهاج. «أقصد حديقة الحيوان الاجتماعية، يا ليدي ويلو؛ لقد زرت الأخرى بالفعل. رجاء لا تنظري إلي باندهاش شديد، ولا تخافي؛ فأنا في واقع الأمر أتحدث على نحو لطيف للغاية عندما أكون في أحد التجمعات، وأنا واثقة أنك لن تخجلي من وجودي على الإطلاق. كما ترين، أنا لم أتحدث إلى أي شخص منذ أن جئت إلى لندن؛ لذا، أعتقد أنني يجب أن يسمح لي بنطاق محدود من المعارف في البداية.»
قللت الليدي ويلو من حدة تكبرها حتى إنها ابتسمت، وإن كان ببعض الارتياب؛ وقالت جيني بابتهاج إنهما هكذا يكونان قد أنهيا اتفاقهما، وإنها متأكدة من أن أواصر الصداقة ستتوطد بينهما بشدة.
وأردفت: «يجب أن تخبريني ماذا علي فعله. أعتقد أن الملابس أهم الأمور المبدئية عندما يفكر المرء في الدخول لأي مجتمع. حسنا، لقد طلبت الكثير منها؛ لذا، هذا الأمر لا مشكلة فيه. ما الأمر التالي ؟» «نعم ، الملابس مهمة؛ لكنني أعتقد أن أول شيء عليك فعله هو الإقامة في منزل جيد في مكان ما. أعتقد أنك لا يمكنك البقاء في هذا الفندق؛ هذا إلى جانب أن المنزل الذي ستختارينه يجب أن يكون فخما للغاية.» «نعم، من الأفضل أن يكون كذلك؛ لكن هذا متاح وفي المتناول بشدة.» «إنه ليس في المتناول بالنسبة إلى كل أفراد المجتمع.» «أوه، هل هو كذلك؟ كنت أفكر في كنيسة وستمنستر وميدان ترافالجار، ومثل هذه الأماكن. بالإضافة إلى ذلك، هناك «دائما» عربة بخيول أنيقة متاحة بالقرب من الباب عندما يريد أي شخص الخروج.» «أوه، اعلمي أنه لا يجب عليك أن تركبي عربات الأجرة هذه!» «لماذا؟ أظن أن أفراد الطبقة الأرستقراطية - الراقية جدا - تركب هذه العربات.» «البعض لديهم عربات خاصة بخيول؛ لكن هذا أمر مختلف للغاية.» «وقد سمعت في مكان ما أن أغلب العربات التي تجرها الخيول في لندن تمتلكها الطبقة الأرستقراطية. أنا متأكدة أنني ركبت واحدة تنتمي لماركيز مكان؛ أنا لا أتذكر اسمه. أنا لا أفترض أن الماركيز نفسه هو الذي كان يقودها. ربما كان يقودها سائقه؛ لكن السائق كان شابا لطيفا للغاية، وأعطاني الكثير من المعلومات. لقد أخبرني بأن الماركيز يمتلك العربة؛ لأنني سألته عن صاحبها. ظننت أن السائق ربما يكون مالكها. سأترك الفندق عن طيب خاطر، لكنني لست متأكدة بشأن العربات. أخشى أن أعدك بشيء في هذا الأمر؛ لأنني متأكدة أنني سأستأجر عربة بخيول تلقائيا عندما أخرج بمفردي. لذا، سنؤجل مسألة العربات حتى وقت لاحق. والآن، أين تقترحين أن أقيم بينما أكون في لندن؟» «يمكنك الإقامة معي إن أردت. أنا لا أملك منزلا كبيرا؛ لكن هناك مكان لصديق أو اثنين، والمنزل في موقع جيد للغاية.» «أوه، سيكون هذا رائعا. أظن أن العنوان المناسب على ورق رسائل المرء هو كل شيء، ويكاد يكون مهما مثل شعار النبالة - إن استخدم شعار النبالة كرأسية؛ وهناك فرق بين دروري وبارك عندما يأتيان بعد كلمة «شارع».»
Bog aan la aqoon