Impact of the Heart's Work on Quranic Recitation and Contemplation
أثر عمل القلب على تلاوة القرآن وتدبره
Noocyada
المبحث الرابع: موانع تأثر القلب بالقرآن العظيم، وفيه تمهيد ومطالب
التمهيد:
كما مر معنا في أكثر من موضع أن الرسول ﷺ ذم الذين يتلون القرآن بألسنتهم دون أن ينزل إلى قلوبهم وحذر أمته من مسلكهم، وكذلك اتباعه ﷺ من بعده حذروا من هذه المسالك، وعلى رأس هؤلاء الخوارج ومن سار على طريقهم من أهل الأهواء، واللافت في الأمر الاخبار بكثرة تلاوتهم لدرجة أن الصحابة يحقرون قراءتهم أمام قراءة هؤلاء، وإخباره ﷺ بسهولة حفظهم للقرآن كشرب اللبن والماء، فيقول ﷺ: «سَيَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ كَشُرْبِهِمُ اللَّبَنَ» (^١).
وقال الفيض المناوي في شرحه للحديث: " أي يسلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه ولا تأمل في أحكامه، بل يمر على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة" (^٢).
وفي رواية الأخرى: «سَيَخْرُجُ أَقْوَامٌ مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الْقُرْآنَ كَشُرْبِهِمُ الْمَاءَ» (^٣).
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ الله عنه قَالَ: " لَقَدْ أَتَى عَلَيْنَا حِينٌ وَزَمَانٌ، وَمَا نَرَى أَنَّ أَحَدًا يَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ يُرِيدُ بِهِ إِلَّا اللَّهَ ﷿، فَلَمَّا كَانَ هَاهُنَا بِأَخَرَةَ حَسِبْتُ، أَنَّ رِجَالًا يَتَعَلَّمُونَ يُرِيدُونَ النَّاسَ وَمَا عِنْدَهُمْ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ بِقِرَاءَتِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ، فَإِنَّا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَإِذْ يَنْزِلُ إِلَيْنَا الْوَحْيُ، وَيُنَبِّئُنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ مَضَى
(^١) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (١٧/ ٢٩٧) ح (٨٢١)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٦/ ٢٢٩) ح (١٠٤١٢): "رواه الطبراني، ورجاله ثقات" وحسنه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٦٨١) ح (٣٦٥٣). (^٢) فيض القدير (٤/ ١١٨). (^٣) أخرجها الفريابي في فضائل القرآن (ص ٢٠٤) ح (١٠٩)، وحسن إسنادها الألباني في السلسة الصحيحة (٤/ ٥٠٧) ح (١٨٨٦).
1 / 68