Impact of Heart Work on the Worship of Prayer
اثر عمل القلب على عبادة الصلاة
Noocyada
المبحث الثاني: ملخص نماذج لبعض أعمال القلوب المتعلقة بالخشوع في الصلاة، وفيه تمهيد مطالب
التمهيد: الارتباط الوثيق بين عمل القلب وأثره على الخشوع في الصلاة:
عبادة الخشوع في الصلاة، مرتبطة بعمل القلب إرتباطًا وثيقًا، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ١ - ٢]، وذلك لأن الخشوع يكون في القلب ويظهر أثره على الجوارح عند إقامة الصلاة.
يقول ابن رجب ﵀: " وأصل الخشوع هو: لين القلب ورقته وسكونه وخضوعه وانكساره وحرقته فَإِذَا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح والأعضاء؛ لأنها تابعة له، كما قال ﷺ: "أَلَا إِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ" (^١).
فَإِذَا خشع القلب خشع السمع والبصر والرأس والوجه، وسائر الأعضاء وما ينشأ منها حتى الكلام" (^٢).
وقد نقل الطبري عن الحسن البصري في معنى قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾، قال: "كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك البصر، وخفضوا به الجناح" (^٣).
أي: جعلوا أبصارهم في موضع سجودهم، واستحضروا عظمة الوقوف بين يدي الله، فخفضوا الجناح له من هيبته وتعظيمه في قلوبهم.
ونقل ابن أبي شيبة في مصنفه عن مجاهد ﵀ قال: "كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود (^٤) من الخشوع"، قال مجاهد: وَحُدِّثْتُ أن أبا بكر كان كذلك (^٥).
_________
(^١) أخرجه البخاري (١/ ٢٠) ح (٥٢)، ومسلم (٣/ ١٢١٩) ح (١٥٩٩).
(^٢) الذل والانكسار للعزيز الجبار (٢٩٠).
(^٣) تفسير الطبري (١٧/ ٨).
(^٤) أي كأنه عود ثابت لا يتحرك من شدة خشوعه، وذكر ابن عساكر في تاريخه: أن ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره كأنه قطعة من جدار من خشوعه ﵁. ينظر: تاريخ دمشق (٢٨/ ١٧٠).
(^٥) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ١٢٥) رقم (٧٢٤٥).
1 / 22