Boqortooyada Islaamka iyo Goobaha Barakaysan
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
Noocyada
وبقي المسجد على بناء عثمان حتى استقر الأمر للوليد بن عبد الملك الأموي، ولم تبق للثائرين بالحجاز قوة. وقدم الوليد الحجاز حاجا وزار المدينة، فألفى أحفاد علي بن أبي طالب يلوذون ببيت فاطمة إلى جوار المسجد، ورأى في ذلك تحريضا قد يعيد الثورة مشبوبة بالحجاز من جديد. هنالك قرر أن يزيد في المسجد، وأن يدخل بيت فاطمة وبيوت النبي جميعا فيه، لم يثنه عن ذلك جزع الناس وبكاؤهم لإزالة هذه الآثار التاريخية الباقية للنبي ولحياته في المدينة.
وكان للوليد في العمارة وزخرفها رأي غير رأي العرب، فقد قضى حياته بدمشق وبين الآثار المسيحية والرومية في الشام، وقد أقام والده عبد الملك بن مروان قبة الصخرة ببيت المقدس فبز بها الكثير من الكنائس البارعة، لذلك لم يلبث حين استقر رأيه على هدم مسجد النبي وإعادة بنائه، أن كتب إلى ملك الروم يستعينه بعمال وفسيفساء.
وهدم عمر بن عبد العزيز عامل الوليد على المدينة مسجد النبي، وأدخل فيه حجرات أزواج النبي وبينها حجرة عائشة، بذلك أصبح القبر النبوي داخل المسجد. وبالغ عمر في تجميل المسجد: زخرف المحراب والشرفات والمنابر زخرفا لا عهد للعرب به، وعني بسقف المقصورة النبوية عناية جعلته بدعا في الفن. وقد أعجب الوليد بن عبد الملك بما رأى من ذلك حتى لقد نظر إلى أبان بن عثمان يقول له: «أين بناؤنا من بنائكم؟!» لكن أبان أجابه: «إنا بنيناه بناء المساجد وبنيتموه بناء الكنائس.»
حريق المسجد
تمت هذه العمارة سنة تسعين للهجرة، وظل المسجد قائما بها إلى سنة ست وستين ومائة، حين جاء المهدي العباسي فأمر بزيادة المسجد، وزيد في ناحيته الشمالية زيادة كبيرة اتخذت لها عمارة الوليد طرازا. واستقرت رقعة المسجد على زيارة المهدي إلى سنة 654 للهجرة، إذ ترك موقد المصابيح مشعلا في مخازن المسجد، امتدت النار منه إلى ما حوله، وسرت إلى المسجد فلم تبق على خشبة واحدة، أكلت النار المنبر النبوي والأبواب والخزائن والنوافذ والمقاصير وما اشتملت عليه من كتب، وامتدت إلى كسوة الحجرة، ووقع السقف الذي كان بأعلى الحجرة على سقف بيت النبي، فوقعا جميعا في الحجرة وعلى القبور التي بها.
كانت بلاد الدولة الإسلامية حين ذلك في قلق واضطراب؛ لذلك اكتفت كل منها بأن بعثت من مواد العمارة إلى المدينة ما أرضى عقيدتها. وقام أهل المدينة بما يستطيعون من عمارة المسجد، لكن أحداث الاضطراب في رقعة المملكة كانت تقف العمل وتجعله إذا سار يسير في غير خطة مرسومة. فلما تولى الظاهر بيبرس أمر مصر، بعد ست سنوات من الحريق، جهز الصناع وكل ما يحتاج إليه البناء وبعث بذلك كله إلى المدينة، وسار العمل في البناء حتى تم، وقام المسجد كما كان قبل الحريق.
لم يطرأ على عمارة المسجد بعد ذلك، إلى سنة ست وثمانين وثمانمائة، تغيير جوهري، وكل ما حدث أن جدد سقفه أو زيد فيه طمعا من بعض أمراء البلاد الإسلامية، وأمراء مصر بنوع خاص، في المثوبة. أما في سنة ست وثمانين وثمانمائة، فقد انقضت صاعقة على مئذنة المسجد الرئيسية، فانتقلت النار من المئذنة إلى سقف المسجد، ثم إلى البناء كله، حتى احترقت المقصورة والمنبر والكتب والمصاحف، ولم يسلم من الحريق إلا الحجرة وقبة مبنية بصحن المسجد.
قايتباي يعيد المسجد
كان التطور الذي حدث في عمارة المسجد، بعد انقضاض الصاعقة عليه، أكثر وضوحا. لقد رأيت كيف انتقل من بساطته الأولى إلى هذه العمارة الفنية البديعة التي ابتغى بها الملوك والأمراء مثوبة الله. أما بعد حريق الصاعقة فقد وجد أمير مصر الملك الأشرف قايتباي من أعادوا بناء المسجد على صورة بلغت غاية التأنق، واقتضت من النفقة ستين ألفا ذهبا من الجنيهات.
كانت مصر هي التي تقوم بعمارة المسجد النبوي - أو بالحظ الأكبر منها في تلك العهود - فلما آلت الخلافة لآل عثمان بالأستانة، وجه سلاطين آل عثمان إلى المسجد عناية فائقة، ففي القرن العاشر الهجري عمره السلطان سليم الثاني وشيد به محرابا جميلا لا يزال قائما إلى اليوم غرب المنبر النبوي. وفي القرن الثالث عشر بنى السلطان محمود القبة الخضراء.
Bog aan la aqoon