والمحبة لصلاح أمورهم باستجلاب موداتهم وخلوصهم له - لأن ذلك يدل على أنه قد أعطي القوة التي تدوم - وتسخيرهم وربطهم بها لنفسه، وفي ذلك أن لا يتفرقوا عنه وأن لا يضمروا له سوءا وأن لا يروا عيشا إلا معه وبه ونتج من ذلك صدق مجاهدتهم الأعداء عنه وبذلهم أنفسهم دونه ومن إمارات ذلك أيضا إقبال الخدم والأصحاب عليه وفضل إجلالهم ومهابتهم له من غير أن يكون حدثت له في ذلك الوقت حالة ظاهرة توجب ذلك من مزيد في رتبة أو زيادة في إحسان أو إساءة، فإن ذلك إذا كان دل على أبهة حادثة إلهية واقعة في النفوس طارئة عليها دلالة الرياسة والدولة ومن إمارات ذلك أيضا خلو قلبه من الضغائن والأحقاد التي كانت في نفسه على أكفائه وأجلة أصحابه وخلطائه فضلا عليهم، وإنها ممن يحب أن يسوس ويستصلح لا ممن يستفسد
ومن إمارات ذلك أيضا ميل النفس إلى العدل وكراهيتها الجور وإن كان له عاجل ناجز، لأن ذلك يدل على أن نفسه موقنة بالتمكن من الملك ودوامه وليست مختطفة مغتنمة. وليس ذلك منها إلا بحمل قوة إلهية لها على ذلك، ولن يقع هذا الحمل منها لها على هذا المعنى إلا وقد أهلها لدوامه وبقائه وأكسبه ذلك ميل الرعايا المملوكين والمسوسين إليه. وفي ذلك توطيد ملكه وإرساء قواعده والبعد من الوهن والتضعضع وانعزال المناوئين والمضادين وإجلالهم إياه وشوقهم إلى مثل حاله إن ساسه فهذه إمارات الإقبال الأشرف الأعظم والتي يرجع إليها ويدخل في جملتها سائر الإمارات الصغيرة الجزئية.
Bogga 138