Imaan
الإيمان
Baare
محمد ناصر الدين الألباني
Daabacaha
المكتب الإسلامي،عمان
Lambarka Daabacaadda
الخامسة
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Goobta Daabacaadda
الأردن
يوجد عنهم أنهم قالوا: كلام النفس وقول النفس؛ كما قالوا: حديث النفس؛ ولهذا يعبر بلفظ الحديث عن الأحلام التي ترى في المنام، كقول يعقوب ﵇: ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾ [يوسف: ٦]، وقول يوسف: ﴿وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ﴾ [يوسف: ١٠١]، وتلك في النفس، لا تكون باللسان؛ فلفظ الحديث قد يقيد بما في النفس، بخلاف لفظ الكلام فإنه لم يعرف أنه أريد به ما في النفس فقط.
وأما قوله تعالى: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [الملك: ١٣]، فالمراد به القول الذي تارة يسر به فلا يسمعه الإنسان، وتارة يجهر به فيسمعونه كما يقال: أسر القراءة وجهر بها، وصلاة السر وصلاة الجهر؛ ولهذا لم يقل: قولوه بألسنتكم أو بقلوبكم، وما في النفس لا يتصور الجهر به، وإنما يجهر بما في اللسان، وقوله: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ من باب التنبيه. يقول: إنه يعلم ما في الصدور فكيف لا يعلم القول، كما قال في الآية الأخرى: ﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه: ٧] فنبه بذلك على أنه يعلم الجهر، ويدل على ذلك أنه قال: ﴿وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ فلو أراد بالقول ما في النفس لكونه ذكر علمه بذات الصدور، لم يكن قد ذكر علمه بالنوع الآخر وهو الجهر.
وإن قيل: نبه، قيل: بل نبه على القسمين. وقوله تعالى: ﴿آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا﴾ [آل عمران: ٤١]، قد ذكر هذا في قوله: ﴿ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: ١٠]، وهناك لم يستثن شيئًا، والقصة واحدة، وهذا يدل على أن الاستثناء منقطع، والمعنى، آيتك ألا تكلم الناس، لكن ترمز لهم رمزًا، كنظائره في القرآن، وقوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ﴾ [مريم: ١١] هو الرمز، ولو قدر أن الرمز استثناء متصل لكان قد دخل في الكلام المقيد بالإستثناء، كما في قوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء﴾ [الشورى: ٥١] .
1 / 112