Imaan
الإيمان
Baare
محمد ناصر الدين الألباني
Daabacaha
المكتب الإسلامي،عمان
Lambarka Daabacaadda
الخامسة
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
Goobta Daabacaadda
الأردن
كان هو التصديق كما ذكرتم، فالتصديق نوع من أنواع الكلام، فاستعمال لفظ الكلام والقول ونحو ذلك في المعنى واللفظ، بل في اللفظ الدال على المعنى أكثر في اللغة من استعماله في المعنى المجرد عن اللفظ، بل لا يوجد قط إطلاق اسم الكلام ولا أنواعه: كالخبر أو التصديق والتكذيب والأمر والنهي على مجرد المعنى من غير شيء يقترن به من عبارة ولا إشارة ولا غيرهما، وإنما يستعمل مقيدًا.
وإذا كان الله إنما أنزل القرآن بلغة العرب، فهي لا تعرف التصديق والتكذيب وغيرهما من الأقوال إلا ما كان معنى ولفظًا، أو لفظًا يدل على معنى؛ ولهذا لم يجعل الله أحدًا مصدقًا للرسل بمجرد العلم والتصديق الذي في قلوبهم حتى يصدقوهم بألسنتهم، ولا يوجد في كلام العرب أن يقال: فلان صدق فلانًا أو كذبه، إذا كان يعلم بقلبه أنه صادق أو كاذب ولم يتكلم بذلك، كما لا يقال: أمره أو نهاه، إذا قام بقلبه طلب مجرد عما يقترن به من لفظ أو إشارة أو نحوهما. ولما قال النبي ﷺ: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ". وقال: " إن الله يحدث من أمره ما شاء، وإن مما أحدث ألاّ تكلِّموا في الصلاة " اتفق العلماء على أنه إذا تكلم في الصلاة عامدًا لغير مصلحتها، بطلت صلاته. واتفقوا كلهم على أن ما يقوم بالقلب من تصديق بأمور دنيوية وطلب لا يبطل الصلاة، وإنما يبطلها التكلم بذلك، فعلم اتفاق المسلمين على أن هذا ليس بكلام.
وأيضًا، ففي الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: " إن الله تجاوز لأمتى عما حَدَّثَتْ به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به " فقد أخبر أن الله عفا عن حديث النفس إلا أن تتكلم، ففرق بين حديث النفس وبين الكلام، وأخبر أنه لا يؤاخذ به حتى يتكلم به، والمراد حتى ينطق به اللسان باتفاق العلماء، فعلم أن هذا هو الكلام في اللغة؛ لأن الشارع كما قرر إنما خاطبنا بلغة العرب.
1 / 109