الإمامة والتبصرة
ابن بابويه القمي
--- [ 1 ]
Bogga 1
بسم الله الرحمن الرحيم الاحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الائمة من بعدي إثنا عشر، أولهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله - تعالى ذكره - على يديه مشارق الارض ومغاربها (1). وقالت سيدة النساء عليها السلام: دخل إلي رسول الله صلى الله عليه وآله عند ولادتي الحسين... ثم قال: يا فاطمة، خذيه [ أي الحسين " ع " ] فإنه إمام، ابن إمام، وأبو الائمة، تسعة من صلبه، أئمة أبرار، والتاسع قائمهم (2). وقال أمير المؤمنين عليه السلام لابنه الحسين عليه السلام: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق (3). وقالت الزهراء عليها السلام: أما والله لو تركوا الحق على أهله، واتبعوا عترة نبيه، لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف، وخلف بعد خلف، حتى يقوم قائمنا، التاسع من ولد الحسين (4). وقال الامام الحسن عليه السلام: ذاك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن
---
1 - كمال الدين ج 1 / 282 ح 35، عيون أخبار الرضا (ع) ج 1 / 53 ح 34، أمالي الصدوق ص 97 ح 9، عنها البحار 36 / 226 ح 1. 2 - كفاية الاثر ص 194 وعنه البحار 36 / 350 ح 21 9 3 - كمال الدين ج 1 / 304 ح 16 وعنه في البحار 51 / 110 ح 2. 4 - كفاية الاثر ص 198 وعنه البحار 36 / 352 ح 224.
--- [ 2 ]
Bogga 1
سيدة الاماء، يطيل الله عمره في غيبته، ثم يظهره بقدرته (1). وقال الامام الحسين عليه السلام: منا إثنا عشر مهديا، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وآخرهم التاسع من ولدي، وهو القائم بالحق (2). وقال الامام السجاد عليه السلام: فينا نزلت هذه الآية " وجعلها كلمة باقية في عقبه " والامامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) إلى يوم القيامة، وإن للقائم منا غيبتين (3). وقال الامام الباقر عليه السلام: منا إثنا عشر محدثا، السابع من ولدي القائم (4). وقال الامام جعفر الصادق عليه السلام: الامام من بعدي موسى، والخلف المأمول المنتظر م ح م د ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى (5). وقال الامام الكاظم عليه السلام: القائم الذي يطهر الارض من أعداء الله، ويملاها عدلا كما ملئت جورا، هو الخامس من ولدي (6). وقال الامام الرضا عليه السلام: القائم... ذاك الرابع من ولدي (7). وقال الامام الجواد عليه السلام: القائم... هو الثالث من ولدي (8). وقال الامام الهادي عليه السلام: إن الامام بعدي الحسن ابني، وبعد الحسن ابنه القائم (9). وقال الامام العسكري عليه السلام: إبني م ح م د هو الامام والحجة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية (10).
---
1 - كمال الدين ج 1 / 315 ح 2 وعنه البحار 51 / 132 ح 1 2 - كمال الدين ج 1 / 317 ح 3 وعنه البحار 51 / 133 ح 4 3 - كمال الدين ج 1 / 323 ح 8 وعنه البحار 51 / 134 ح 1 4 - اثبات الوصية ص 259 وعنه منتخب الاثر ص 21 2 ح 3 5 - كمال الدين ج 2 / 4 334 وعنه البحار 51 / 143 ح 7 6 - كمال الدين ج 2 / 361 ح 5 وعنه البحار 51 / 151 ح 6 7 - كمال الدين ج 2 / 376 ح 7 وعنه البحار 52 / 322 ح 30 8 - كمال الدين ج 2 / 377 ح 1 وعنه البحار 51 / 156 ح 1 9 - كمال الدين ج 2 / 383 ح 10 وعنه البحار 50 / 339 ح 4 10 - كمال الدين ج 2 / 409 ح 9 وعنه البحار 51 / 160 ح 7
--- [ 3 ]
Bogga 2
وقال الامام الغائب المنتظر عجل الله فرجه الشريف: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن جدي محمدا رسول الله، وأن أبي أمير المؤمنين، ثم عد إماما إماما إلى أن بلغ إلى نفسه، ثم قال: اللهم أنجز لي ما وعدتني، وأتمم لي أمري، وثبت وطأتي، واملا الارض بي عدلا وقسطا (1).
---
1 - كمال الدين ج 2 / 428 وعنه البحار 51 / 13
--- [ 4 ]
Bogga 3
قال الله تعالى: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا... النور / 55 ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الارض... القصص / 5، 6 ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين * وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين * الانبياء / 105 - 107
--- [ 5 ]
Bogga 4
الامامة والتبصرة من الحيرة للفقيه المحدث أبي الحسن علي بن الحسين بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق (ره) المتوفى في سنة تناثر النجوم 329 ه ق تحقيق ونشر مدرسة الامام المهدي عليه السلام قم المقدسة
--- [ 7 ]
Bogga 5
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أوجب الحمد على عباده بنعمه عندهم آنفا واستوجب منهم - بما وفقهم لذلك الحمد على تلك النعم - شكرا مستأنفا. وسبحان من ليس معه لاحد في الآنف من النعمة، والمستأنف من الشكر صنع في إحداث موهبة، ولا في إلهام شكر، بل برأفته أولى النعم، وبتحننه ألهم الشكر، وبتفضله بسط في ذلك كله التوفيق، وبحكمته أرشد إلى الهدى، وبعدل قضائه لم يجعل في الدين من حرج، ولم يدع إليه بسبيل غامض (ولو بان الدال) (1) عليه عن الكلام المتداول على الالسنة، بينونته - جل ثناؤه - عن عباده، لحارت الاسماع عن إصغائه، وتاهت الافئدة عن بلوغه، وغربت الافهام عن حمله غروبها عن كيفية الله - جلت أسماؤه -. والحمد لله الذي كان من لطيف صنعه وانفاذ حكمته أن لم يحمل علينا في ذلك إصرا، وجعل سفيره - فيما دعا إليه - خيرته من خلقه محمدا صلى الله عليه وآله، وبين منه - في أيام الدعوة، وقبل حدوث النبوة وإظهار الرسالة - عناصر طيبة وأعراقا طاهرة وشيما مرضية (2).
---
1 - ما بين المعقوفين زدناه تصحيحا للعبارة، وكان موضعه بياض في نسخة (ب)، أما نسخة (أ) ففيها: ولم يدع إليه سبيل غامض عليه من الكلام. 2 - في (ب): وسيما مرضية.
--- [ 8 ]
Bogga 7
وجعله المقتدى به في مكارم الاخلاق، والمشار إليه بمجانبة الاعراض التي تمنع التقديم والتأخير، وتحجزت بالتقديس والتفضيل، حتى دعانا إلى الله جل جلاله بكلام مفهوم، وكتاب عزيز (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد) (3). فجعل الداعي منزها عن دنية تحجزه عن قول معروف، ومصونا بالعصمة عن أن ينهى عن خلق ويأتي بمثله، والرسالة مباينة عن أن يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها. ومن على خلقه أن جعل الداعي معهودا بالمجاورة، والدعوة مشهورة بالمجاورة، وأوكد في ذلك على عباده الحجة أن دعا إلى حق لا يجمع مختلفين ولا يضم متفقين. وجعل عباده - على اختلاف هممهم واتساع خلائقهم - بمعزل عن السبيل التي " لو اتبع الحق أهوائهم، لفسدت السموات والارض ومن فيهن " (4) ومباينة من الحالة التي يملكون فيها لانفسهم نفعا أو ضرا، وأوكل عجزهم (5)، وضعف آرائهم إلى أئمة أصفياء، وحفظة أتقياء، عن الله يبلغون، واليه يدعون، وبما يأمرون به من الخيرات يعملون، وعما ينهون عنه ينتهون " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون " (6). فالحمد لله على جميع هذه النعم الحسنة، حمدا يؤدى به الحق، ويستجلب به المزيد. وصلى الله على محمد وآله صلاة ترفع إليه وتزكو عنده، وتدل على اشتمال الثبات، واستقرار الطويات على أنهم لله علينا حجة، وإليه لنا قادة وعليه - تبارك اسمه - أدلة، وفي دينه القيم شريعة وسالفة، وأن كلمتهم لا تبطل وحجتهم لا تدحض، وعددهم لا يختلف، ونسبهم لا ينقطع، حتى يرث الله - جل جلاله -
---
3 - اقتباس من الاية (42) من سورة فضلت 41. 4 - اقتباس من الاية (71) من سورة المؤمنون 23. 5 - هذا هو الظاهر وكان في (أ): وأكل عجز لهم، وفي (ب): وأكل عجزهم وضعفهم. 6 - اقتباس من الآية (28) من سورة الانبياء 21.
--- [ 9 ]
Bogga 8
الارض ومن عليها وهو خير الوارثين، ويظهرهم على الدين كله ولو كره المشركون. " قال الشيخ ابو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه رحمه الله " (7) اني لما بذلت فيما أخلدت من الكتب وسعي، وأخرجت فيما لزمني من ذلك جهدي، وجدت الصلاة تجمع حدودا كثيرة، والصوم يشمل امورا وافرة والزكاة تضم معاني مختلفة، والحج يحوي مناسك جمة. ووجدت حمل هذه الاشياء الجليلة، وملابسة هذا الدين القيم، وتبصرة ما ذكرت من هذه الاحوال، لا تنال إلا بسابقة إليه وإمام يدل عليه، وأن من هداه الله لذلك ارتشد سبيله وانتفع بعلمه وعمله، ومن أضله أضل سبيله وحبط عمله، وخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. وعلمت أن الامامة حال بها يدرك حدود الصلاة، وشرائع الصوم، ومعاني الزكاة، ومناسك الحج. ورأيتها أجل عروة محكمة، وأوثق سبيل منهجة. ورأيت كثيرا ممن صح عقده، وثبتت على دين الله وطأته، وظهرت في الله خشيته، قد أحادته الغيبة، وطال عليه الامد حتى دخلته الوحشة، وأفكرته (8) الاخبار المختلفة، والآثار الواردة، فجمعت أخبارا تكشف الحيرة وتجسم النعمة (9) وتنبئ عن العدد، وتؤنس من وحشة طول الامد. وبالله للصواب أرتشد، وعلى صالح القول أستعين، واياه أسأل أن يحرس الحق ويحفظه على أهله، ويصون مستقره ومستودعه. " أسباب اختلاف الروايات وموجبات الحيرة والاشتباه " فلاجل الحاجة إلى الغيبة اتسعت الاخبار، ولمعاني التقية والمدافعة عن الانفس اختلفت الروايات " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم
---
7 - هذا السطر من راوي الكتاب كما هو الظاهر. 8 - في هامش (أ): وأنكرته. 9 - هذا ظاهر (أ) وفي (ب) تجسم الغمة.
--- [ 10 ]
Bogga 9
ما يتقون " (10). ولولا التقية والخوف، لما حار أحد، ولا اختلف اثنان، ولا خرج شئ من معالم دين الله - تعالى - إلا على كلمة لا تختلف وحرف لا يشتبه. ولكن الله - عظمت أسماؤه - عهد إلى أئمة الهدى في حفظ الامة، وجعلهم في زمن مأذون لهم باذاعة العلم، وفي آخر حلماء " يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون " (11). عظم هذا من أمر وجل! ولامر ما وقع وحل!. وغير عجب أن يحدث في مثله من الاوقات خبر يحمي خيط الرقبة (12). ويحرس بفضل المداراة جمهور البيضة. وفي مثل هذا الزمن خولف الامر في العدد، حتى أوقع في الظاهر أمر ما لا خلاف في استبطانه، وكشف عن سبب لا شك في كتمانه. وليست إشارة مشهورة واذاعة بينة أن يقول ولي من أولياء الله وثقة من خزان أسرار الله أن صاحب هذا الامر أثبت (13) مني، وأخف ركابا. هذا، مع الروايات المشهورة والاحاديث الكثيرة: أن الوقت غير معلوم، والزمن غير معروف، ولولا كتمان الوقت والمساترة به، لما استدل عليه بالصيحة (14)، والآيات وخروج رايات أهل الضلالات، ولقيل: إنه فلان بن فلان، وإن يومه يوم معلوم بين الايام، ولكن الله - جل اسمه - جعله أمرا منتظرا في كل حين، وحالا مرجوة عند كل أهل عصر،
---
10 - من الآية (115) سورة التوبة 9. 11 - من الاية (14) سورة الجاثية 45. 12 - هذا هو الظاهر، وكان في النسختين: حيط، بالحاء المهملة. 13 - في (ب): أشب. 14 - هذا هو الظاهر وكان في النسختين: الصحة.
--- [ 11 ]
Bogga 10
لئلا تقسو - بطول أجل يضربه الله - قلوب، ويستبطأ (15) في استعمال سيئة وفاحشة، موعدة عقاب، وليكون كل عامل على اهبة، ويكون من وراء أعمال الخيرات أمنية، ومن وراء أهل الخطايا والسيئات خشية وردعة، وليدفع الله بعضا ببعض، والسنة القديمة على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر الساعة حين أنذر قومه: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة، بعثت أنا والساعة كهذه من هذه (16). فلولا ما أراد من المدافعة وتقريب المدة على عامل الخير والشر والثواب والعقاب، لعلم (صلى الله عليه وآله) أن ما جرت إليه الامة الضالة دون وقوع الساعة، وأن ما وعده الله في أهل بيته من اظهارهم على الدين كله قبل حدوثها يكون. وعلى هذا مضت الرسل، ودرج الرسل، ودرج الاخيار، كل يقرب القيامة، ويدني الساعة، ويبشر بسرعة المجازاة على العقاب والثواب. ولو كان الخبر عن كل شئ بحقيقته مقدما، والاجل في كل مدة مضروبا ممهدا، لكان حق الرسالة وفرض البلاغة على عيسى عليه السلام أن يأمر من يعلم أنه يبلغ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقتصر على ما يعهده في أيامه، ثقة بأن شريعته تنسخ الشرايع، وعلما بأنه خير النبيين وسيد المرسلين. ولاقترف أهل كل فترة ذنوبا عظيمة وجرائح كثيرة، ولكنهم كانوا على اقتراب من انتظار عقاب أو ثواب وبذلك دفع الله الناس بعضهم ببعض. وهذه السنة في الائمة عليهم السلام مستعملة، وعلى أيامهم جارية، وفيهم قائمة. ولو كان أمرهم مهملا عن العدد وغفلا، لما وردت الاخبار الوافرة بأخذ الله
---
15 - فيهما: يستبطئ. 16 - اقتباس من البحار ج 2 ص 301 ح 3
--- [ 12 ]
Bogga 11
ميثاقهم على الانبياء وسالف الصالحين من الامة. ويدلك على ذلك قول أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن نوح عليه السلام لما ذكر " استوت سفينته على الجودي بهم ": هل عرف نوح عددهم؟ فقال: نعم، وآدم عليه السلام (17). وكيف يختلف عدد، يعرفه أبو البشر ومن درج من عترته والانبياء من عقبه، على شرذمة من ذريته وبقية يسيرة من ولده؟! وأي تأويل يدخل على حديث اللوح (18). وحديث الصحيفة المختومة (19)؟ والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة عليها السلام (20)؟ وكيف لا يعلم: أن الذي قال [ - ه ] العالم عليه السلام: ستة أيام، أو ستة أشهر أو ست سنين، غير معلوم؟! (21)
---
17 - ومثله ما ورد عن منصور بن حازم أنه قال لابي عبد الله (ع): أكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعرف الائمة (ع)؟ فقال نعم، ونوح البحار 38 / 45. 18 - حديث اللوح: حديث طويل، مضمونه أن جابر عبد الله الانصاري عاد الزهراء فاطمة عليها السلام فرأى في يدها لوحا فيه: أن الباري أهداء إلي النبي صلى الله عليه وآله وقد سجل فيه أسماء الرسول والزهراء والائمة الاثنى عشر من بعده. الكافي ج 1 ص 527 ح 3. رواه المؤلف بسنده وقد نقل الصدوق نصه الكامل برواية أبيه في الباب (28) من اكمال الدين: 308 ح 1، ورواه النعماني في الغيبة (ص 29) والمفيد في الاختصاص (ص 205). ونقل في بحار الانوار (ج 36) ص (195) عنهم وعن العيون 1 / 34 ح 2 وغيبة الطوسي: ص 93 والاحتجاج: 1 / 84 ويأتي بتمامه عن هذه الكتب في المستدرك ص 93. 19 - حديث الصحيفة المختومة: رواه المؤلف في هذا الكتاب الباب (3) وقد ذكرنا له شواهد، فراجع الحديث (20) وتخريجاته. 20 - صحيفة فاطمة، أو مصحف فاطمة، أو كتاب فاطمة، ورد التعبير بكل ذلك عن كتاب ينسب إليها سلام الله عليها كان عنده الائمة، وردت فيه أسماء من يملك من الملوك وقد ورد ذكره في رواية للمؤلف في هذا الكتاب، الباب (3) فراجع الحديث (20) مع شواهده وتخريجاته. 21 - روى الكليني بسنده عن الاصبغ بن نباتة قال في حديث طويل عن المهدى =
--- [ 13 ]
Bogga 12
ومن غير شك: يجوز أن أمرا لا يمتنع أن يجوز وقته من ستة أيام إلى ستة أشهر، ومن ستة أشهر إلى ست سنين، غير ممتنع أن يجوز إلى سنين. وهل هذا مفهوم؟ فان كان عليه السلام أراد تسمية الوقت، فقد علم أنه لم يسم. وإن أراد الاغماض منه (22) فغير عجب أن يغمضه بأشد ما يقدر عليه، ويستر عنه بأجهد ما يمكنه، لان أمرا يخبر عنه من يوثق بعلمه بالشك بين ستة أيام أو ست سنين، لا يراد به غير المغامضة والستر.
---
= قلت يا أمير المؤمنين، وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام، أو ستة أشهر أوست سنين... أصول الكافي (1 / 338) واثبات الوصية ص 260، لكن رواه الصدوق بأسانيد عديدة منها عن أبيه (المؤلف)، ولم يرد فيه هذا السؤال والجواب، لاحظ اكمال الدين (288 ح 1). ورواه النعماني في الغيبة (29) عن الكليني بسنده إلى الاصبغ، إلا أن الجواب فيه هكذا قال سبت من الدهر وقول المؤلف فيما يليي " لان أمر يخبر عنه... بالشك بين ستة ستة أيام أو ست سنين " يدل علي أن روايته للحديث كانت محتوية على عبارة تقيد الشك والترديد، انما وقع الخلل في النقل عنه. هذا، وقد ورد هذا الترديد في رواية عن الامام السجاد عليه السلام: روى الصدوق في الاكمال قال: حدثنا محمد بن محمد بن عصام الكليني رضى الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا القاسم بن العلاء قال حدثنى إسماعيل بن علي القزويني، قال: حدثني علي بن إسماعيل، عن عاصم بن حميد الحناط، عن محمد بن قيس عن ثابت الثمالي: عن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليه السلام، انه قال: فينا نزلت هذه الآية: " واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله " الاحزاب آية / 6 وفينا نزلت هذه الاية: " وجعلها كلمة باقية في عقبه " الزخرف آية / 28 والامامة في عقب الحسين عليه السلام إلى يوم القيامة: وإن للقائم منا غيبتين، أحدهما أطول من الاخرى: أما الاولى: فستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين. أما الاخرى: فيطول أمدها، حتى يرجع عن هذا الامر أكثر من يقول به، فلا يثبت عليه إلا من قوى يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا مما قضيناه، وسلم لنا أهل البيت. اكمال الدين ص 323 ح 8. 22 - في (ب): عنه.
--- [ 14 ]
Bogga 13
ولولا إقحام السؤال عليهم في أوقات غير مسهلة للجواب، لما خرج حكم إلا على حقيقته، ولا كلام إلا على جهته. فأما قوله عليه السلام: إن صاحب هذا الامر ابن ثلاثين سنة، أو إحدى وثلاثين سنة، أو أربعين سنة، فان جاز الاربعين فليس بصاحب هذا الامر (23). فانه لمعنى المدافعة عن الانفس، وليتيقن (24) من لا يشك في إمامة من يحدث بهذا الحديث من أعدائه: أنه ليس بصاحب السيف فيلهو عنه ويشتغل عن طلبه. ويدلك على هذا قوله: يملك السابع من ولد الخامس، حتى يملاها عدلا كما ملئت جورا (25). ولو كان صاحب هذا الامر لا يجوز أن يجوز أربعين سنة، لما جاز لاحد من الائمة عليهم السلام أن تصلح له الامامة فوق الاربعين، لان الامامة شأن واحد في القيام بالعلم والسيف، وما كان الله ليجعل هذا الامر العظيم في رجل يختاره، ثم ينزعه عنه لمعنى السن. ولو طويت ما نطقت به من هذا التأويل على هذا الخبر، لكان فيما يتأوله من يتعلق به للرد أقنع حجة وأبلغ دفعا، لان الذي يروي هذا الحديث يتأول: أن امتناع القيام بعد الاربعين سنة من طريق النكير في العقول. وأعوذ بالله أن أقول: إنهم صلوات الله عليهم بمنزلة سائر الناس، وإن عقولهم مما يدخلها الفساد في الاربعين وما فوقها.
---
23 - 24 - في (أ): ليتبعن. 25 - قال الصادق (ع) في المهدي (ع): الخامس من ولد السابع رواه المؤلف بسنده وعنه ابنه في اكمال الدين ص 338 ح 12. وعن الكاظم قوله: إذا فقد الخامس من ولد السابع. رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 336 والنعماني في الغيبة ص 78 والمؤلف بسنده كما في الاكمال ص 359 والمسعودي في اثبات الوصية ص 255 نعم روى المسعودي حديثا عن الباقر (ع) قال فيه: القائم: السابع بعدي، اثبات الوصية ص 259.
--- [ 15 ]
Bogga 14
والاسوة برسول الله صلى الله عليه وآله حسنة، وهو سيد النبيين والائمة الراشدين، وحين أناف على الاربعين نبي، وبعدها بسنين أظهر الدعوة. فأما أمر موسى عليه السلام، وقوله: إنه لا يموت حتى يملاها عدلا كما ملئت جورا، فان ذلك قاله عند شدة الطلب وقسوة القلوب، ليقرب المدة، ويردع الظلمة. والحجة، فيمن قال بالوقف عليه، قد استقصيت بصحيح الاخبار في باب إمامته. وإنما أردت بذكر هذا الحديث ايراد قوله: " بدا لله فيما قلت " لانه خرج في أيام فلان حين اشتد الطلب والخوف، حتى وقع بعد هذا الحديث من الغيبة والاختفاء ما اتصل بهذا العهد وبلغ هذه المدة، وما كان الله ليبدو له في إمام تسمية ولا خروجا. وما أفرق - بعد قولي: إن الامامة أحد الشرائع الخمسة - بين من يقول بالبداء فيها بالعدد والتسمية، وبين من يقول بالبداء في الصلاة والصوم وسائر الشرائع الاربعة. لان مخرج الاربعة من الواحدة، وهي الامامة، فان جاز أن ينسخ الله أصل الشرائع، جاز أن ينسخ فرعها. وأعوذ بالله أن أقول بنسخ شريعة وتبديل ملة، بعد أن جعل الله محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين، وشريعته خاتمة الشرائع، وواصل القيام على دينه وشريعته بقيام الساعة، والانتقال منها إلى محشر القيامة فأما الوقت: فالسنة (26) فيه الكتمان، والشريعة فيه الامساك عن الاعلان. ومما يدل على التقية ويرشد إلى (27) أن الاخبار الكثيرة وردت لعلة ما: قوله عليه السلام: " بدا لله في إسماعيل ". (28)
---
26 - كلمة (إلى) ليست في (أ) 27 - في (ب): فان السنة. 28 - رواه الصدوق في التوحيد (ص 336) مرسلا عن الصادق (ع) قال: (ما بدا لله بداء كما بدا في اسماعيل ابني) وقال بعده: وقد روى لي من طريق أبي الحسين الاسدي (رضى الله عنه) في ذلك شئ =
--- [ 16 ]
Bogga 15
فكيف الحجة الآن في آدم عليه السلام أنه حفظ أسماءهم؟ وما القول في أمر نوح أنه علم عددهم؟ (29) وكيف يثبت أن الله - عزوجل - أخذ على الامة كلها عهدهم، وهو ينسخ أمرهم، ويبدو له في أسمائهم؟. وبأي دليل يدفع أمر اللوح؟ فأخبار الاظلة، والآثار الواردة أن الله خلقهم قبل الامم، وما كان الله ليأخذ مولى من أوليائه على قوم، ثم يبدو له في ذلك وقد قبض إليه منهم العدد الكثير، إذ هو الحق أن لا يحاسب إلا بحجة، ولا يعذب إلا بحقيقة بلاغ. وحاش لله أن يجعل خلفاء في عباده من ينقض أمرهم ويبدل سنتهم وتكون حكمته - سبحانه - بمحل يرشح رجلا لحفظ بيضة المسلمين فيكون بمنزلة ينحى عنها قبل انقضاء أجله وبلوغ مدته، أو يجعله بمحل من يحدث في عقله الفساد لبلوغه أقصى العمر وأبعد السن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. والحجة على هذا القول، مثل الحجة على تسميته: فسمى إماما، ولما هو، وأظهر القول فيه بالبداء لمثله، أو جعل البداء لمعنى معارضة في موت أو غم أو رزق أو أجل. والامامة لا تغير، والنسب لا ينقطع، والعدد لا يزيد ولا ينقص. فان قال قائل: إن الذي انتهى إليه الوقت في الغيبة غاية عمر أهل الدهر، ونهاية سن خلق هذا العصر، وان الآيات قبله لم تظهر، والدلالات المذكورة بين يديه لم تحدث؟! فهلا يقول بالبداء في هذه الدلالات، ويحتج بنسخها، إذ؟ هو جائز عنده
---
= غريب، ثم ذكر الحديث ورواه عنه في البحار (4 ص 109) 29 - مر ذكر علم نوح عليه السلام عدد الائمة عليهم السلام.
--- [ 17 ]
Bogga 16
أن يبدو لله في إمام، فان ذلك أولى وأحق. وستجده (30) أكثر من يمتنع من هذا، ويحتج بأنها من المحتوم! فكيف يجعل هذه الدلالات مما (لا) (31) يبدو لله فيها، لانها من المحتوم، ويقول بالبداء في الامامة ولا يشك أنها من المحتوم؟! وكيف لا يتخذ الحجة في ذلك: أن الله - جل اسمه - يعفو عن عباده فيما يتوعدهم به من عقاب وعذاب محتوما كان ذلك منه أو موقوفا. فلا يبدو له في وعد خير صغيرا كان أو كبيرا، حتى تسلم له المدة ويقرب الله عليه الوقت، ويكفيه أمر الوحشة لطول الغيبة. وإن (32) ترك هذه العلة في الوقت، وقال بالعمر: أنه لا يجوز عمر متأخر على عمر متقدم؟! فالخبر شائع أن عمر أبي عبد الله عليه السلام أوفى على عمر من تقدمه (33). وكلما جاز أن يكون في واحد، هو جائز أن يكون في آخر، لاسيما إذا لم يكن ذلك مما يفسد شريعة أو يبطل سنة. وعسى أن يعتصم بعد هذه الاحوال مقصر بالتسليم، فيقول: إنه واجب استعماله في الاخبار كلها، ويكره التفقه، ويرفض القصد فيقول: وردت الاخبار، ولزم القبول ووجب التسليم. ويجعل الولي في ذلك بمنزلة العدو، فيوجب على أولياء الله استعمال خبر خرج من العلماء عن تقية لاعداء الله. ولا يعلم أن المجتهد في العمل أفضل من المتكل على الاماني. ويجهل قول أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم إنك تعلم انه ما ورد علي أمران أحدهما لك رضا، والآخر لي هوى، إلا آثرت رضاك على هواي. (34)
---
30 - في (أ). ستجدها، و(ب). ستجد. 31 - كلمة (لا) لم ترد في النسختين، لكن تصحيح المطلب يقتضيها. 32 - في (أ): وإلا. 33 - 34 -
--- [ 18 ]
Bogga 17
وهذا بعيد من هذا النمط، وعميق من القول في هذا الموضع، لكن لطيف النظر يذهب إليه، ودقيق الفكر يوجب أنه إذا لزم الايثار في امرين كلاهما حق، لفضل رضا الله على هوى ولي من أوليائه. إن استعمال الايثار في خبر ورد لمكان حجة، واستعبار واجب على خبر وقع لمعنى تقية ومكان مدافعة. جعلنا الله ممن يبصر رشده، ويهتدي سننه، ويجتهد في الدين بلغته ويبذل فيه طاقته، ويخشاه حق خشيته، ويراقبه مراقبة أهل طاعته، ويرغب في ثوابه ويخاف معاده، وختم أعمالنا بالسعادة والزلفى الحسنة. وقد بينت الاخبار التي ذكرتها من طريق العدد، وكل ما وقع في عصر إمام من اشارة إلى رجل، أو دعاية (35) منه بغير حق، واستحالة مجاوزة العدد وتبديل الاسماء، بصحيح الاخبار عن الائمة الهادين عليهم السلام. متوكلا على الله تعالى، ومستغفرا من التقصير، ومستعيذا به سبحانه أن أريد - بما تكلفته - إلا الاصلاح وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
---
35 - كذا ظاهرا، والمراد أو إعادء منه، وكان في النسختين: أودعته.
--- [ 19 ]
Bogga 18
الامامة والتبصرة
--- [ 21 ]
Bogga 19
1 - باب الوصية من لدن آدم عليه السلام 1 - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد، عن مقاتل ابن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: أنا سيد النبيين، ووصيي سيد الوصيين وأوصياؤه سادة الاوصياء. إن آدم عليه السلام سأل الله تعالى أن يجعل له وصيا صالحا، فأوحى الله عزوجل إليه: إني أكرمت الانبياء بالنبوة، ثم اخترت خلقي وجعلت خيارهم الاوصياء. فقال آدم عليه السلام: يا رب اجعل وصيي خير الاوصياء. فأوحى الله إليه: يا آدم، أوص إلى شيث فأوصى آدم إلى شيث، وهو هبة الله بن آدم. وأوصى شيث إلى ابنه شبان، وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنة، فزوجها ابنه شيثا (1).
---
1 - كذا في كافة المصادر التي اورد فيها هذا الحديث، وكان في النسختين: ابنه شبان.
--- [ 22 ]
Bogga 21