373

بكر بن أبي قحافة؟فقام أبو بكر فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن الخطاب، أين الفاروق؟فقام عمر فدخل، فقلت: سبحان الله، أنا في ملأ فيهم جدي لم أسلم عليه، فما لبثت إلا يسيرا حتى خرج المناديفقال: أين عثمان بن عفان؟فقام عثمان فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين علي بن أبي طالب؟فقام فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن عبد العزيز. قال : فقمت فدخلت، فلما صرت في القصر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعثمان وعليا أمامه. فقلت: أين أقعد؟لا أقعد إلا إلى جنب عمر. قال: فرأيت فيما بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر شابا حسن الوجه حسن الهيئة. فقلت لعمر: من هذا؟قال: هذا عيسى ابن مريم عليه السلام، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج عثمان بن عفان وهو يقول: الحمد لله الذي نصرني ربي، ثم خرج علي وهو يقول: الحمد لله الذي غفر لي ربي، ثم نودي لي: أين عمر بن عبد العزيز، فقمت فصرت بين يدي ربي فحاسبني، فلقد سألني عن النقير والفتيل والقطمير، حتى خفت أن لا أنجو، ثم قمت فخرجت فقيل لي: أثبت وتمسك على ما أنت عليه، فبينما أنا سائر، فإذا بجيفة قد علا نتنها الخلائق، فضربتها برجلي، وقلت لمن معي: لمن هذه الجيفة؟فقيل لي:

هذا الحجاج بن يوسف، فضربته برجلي، فقلت له: ما فعل الله بك يا حجاج؟ قال: يا أمير المؤمنين والله لقد قتلت بكل قتيل قتلته بسيف من نار، ولقد قتلت بسعيد بن جبير اثنين وسبعين قتلة. فقلت: فآخر أمرك ما هو؟قال: أنا ها هنا أنتظر ما ينتظر من وحد الله، وآمن برسوله[ (1) ].

قالت فاطمة: فلم يبق عمر بعد هذه الرؤيا إلا يسيرا، حتى مرض مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه مسلمة بن عبد الملك، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك لتترك ولدك عالة على الناس، فأوص بهم إلي، أكفك أمرهم، فإنك لم تمولهم شيئا، ولم تعطهم. فقال عمر: يا أبا سعيد، إن ولدي لهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، ثم دعاهم عمر وهم أربعة عشر غلاما، فنظر إليهم عمر، وقد لبسوا الخشن من قباطي مصر[ (2) ]فاغرورقت عيناه بالدموع. قال [ (1) ]الخبر مختصر في حلية الأولياء 5/337 والبداية والنهاية 9/332.

[ (2) ]قباطي: ثياب تصنع في مصر، نسبة إلى أقباط مصر يصنعونها، ومنها الناعم الممتاز والخشن

Bogga 138