298

قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله عليك[ (1) ]قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها، اضربوا عنقه. قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين [ (2) ]. قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى، الذين تفرقوا واختلفوا بغيا بينهم، فإنه من حزبهم، فصرف عن القبلة. فقال سعيد: (فأينما تولوا فثم وجه الله) [ (3) ]الكافي بالسرائر... قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر، وإنما وكلنا بالظواهر. قال سعيد:

اللهم لا تترك له ظلمي، واطلبه بدمي، واجعلني آخر قتيل يقتل من أمة محمد.

فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج، فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا عن جمهور المسلمين، وقائد سبيل المتوسمين.

وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله، وجعل يصيح قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير[ (4) ]، ويقول: متى كان الحجاج يسأل عن القيود أو يعبأ بها؟وهذا يمكن القول فيه لأهل الأهواء في الفتح والإغلاق.

ذكر بيعة الوليد وسليمان ابني عبد الملك

قال: وذكروا أنه لما فرغ الحجاج من قتل الخوارج، وتم له أمر العراق، فاستقر ملك عبد الملك، كتب إليه الحجاج أن يبايع للوليد ابنه[ (5) ]، ويكتب له عهده للناس؟فأبى ذلك عبد الملك، لأن أخاه عبد العزيز كان حيا، وكان قد استعمله عبد الملك على مصر، وكتب إلى الحجاج يوبخه، ويقول له ما لك أنت [ (1) ]في مروج الذهب: عنك.

[ (2) ]الآية 79 من سورة الأنعام، وليس فيها «مسلما» .

[ (3) ]سورة البقرة آية 115.

[ (4) ]في البداية والنهاية 9/115 فظنوا ذلك، فقطعوا رجليه من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود.

[ (5) ]زيد في الطبري 6/85 وأوفد وفدا في ذلك سألوا عبد الملك إتمام الأمر وقام عمران بن عصام العنزي وأنشد: ومما قاله:

فلو أن الوليد أطاع فيه # جعلت له الخلافة والذماما

شبيهك حول قبته قريش # به يستمطر الناس الغماما

Bogga 63