256

قالوا: نعم. فجاءوا إلى خالد بن يزيد بن معاوية، وهو غلام حدث السن، فقيل له: ارفع رأسك لهذا الأمر، فقال: أستخير الله وانظر، فرأى القوم أنه ذو ورع عن القيام في ذلك، فخرجوا فأتوا عمرو بن سعيد، فقالوا له: يا أبا أمية، ارفع رأسك لهذا الأمر، فجعل يشير ويقول: والله لأفعلن لأفعلن، فلما خرجوا من عنده قالوا: هذا حديث علج. فأتوا مروان بن الحكم، فإذا عنده مصباح، وإذا هم يسمعون صوته بالقرآن، فاستأذنوا ودخلوا عليه، فقالوا له: يا أبا عبد الملك، ارفع رأسك لهذا الأمر، فقال: استخيروا الله واسألوه أن يختار لأمة محمد خيرها وأعدلها ما شاء الله.

بيعة أهل الشام مروان بن الحكم

قال: وذكروا أن روح بن زنباع قال لمروان بن الحكم: إن معي أربع مائة [ () ]عليها، عاملا دعم موقف وسياسة ابن الزبير الذي خرج منتصرا من هزيمة عسكرية محققة وامتد نفوذه وانتشر.

وجاء الاختفاء الغامض لمعاوية بن يزيد ليزيد أزمة الأسرة الأموية خطورة ويفتح الصراعات بين الأجنحة الممثلة للسلطة الأموية على مختلف الاتجاهات ويضع الجميع على مفترق مصيري، حيث الفراغ في السلطة المركزية يقابله تمدد لنفوذ وسلطة ابن الزبير.

فبرز اتجاهان تجاذبا الصراع على النفوذ بعد ما تمزقت الجبهة الأموية نتيجة الصراعات القديمة الجديدة بين الأجنحة القبلية التي كانت تقوم عليها السلطة المركزية الأموية السفيانية، وتجلى هذا الصراع بين أجنحة ثلاثة كل منها يعمل لإيصال مرشحه للخلافة:

-جناح خالد بن يزيد بن معاوية ممثل الشرعية السفيانية.

-جناح مروان بن الحكم، شيخ بني العاص، والذي طرح مرشحه كمرشح تسوية أو إجماع.

-جناح عمرو بن سعيد الأشدق وكان الأضعف في مواجهة التيارين الآخرين.

كان هذا الصراع بين أجنحة الاتجاه اليمني-الكلبي.

وأما الاتجاه القيسي وبعد أن رأى تماسك الاتجاه الأول وحرصه على المحافظة على المعادلة التقليدية في الشام، تطلع إلى ابن الزبير وتحالف معه.

وفي الاجتماع اليمني الذي عقد في الجابية جرت التسوية بين أجنحة هذا الاتجاه الثلاثة فطرح مروان كمرشح تسوية على أن يكون خالد بن يزيد وليا للعهد فضلا عن تعيينه أميرا على حمص، وأعطيت للقطب الثالث عمرو بن سعيد ولاية عهد خالد وإمارة دمشق (انظر تفاصيل وافية أوردها د. إبراهيم بيضون في كتابه تكون الاتجاهات السياسية في الإسلام الأول ص 211 وما بعدها، ومروج الذهب 3/103) . واشترط حسان بن بحدل-وكان رئيس قحطان وسيدها بالشام-ما كان لهم من الشروط على معاوية وابنه يزيد وابنه معاوية منها: أن يفرض لهم لألفي رجل ألفين ألفين، وإن مات قام ابنه أو ابن عمه مكانه وعلى أن يكون لهم الأمر والنهي، وصدر المجلس، وكل ما كان من حل وعقد فعن رأي منهم ومشورة. فأجابه مروان إلى ما سأل. (مروج الذهب 3/104) .

Bogga 21