يدخل الدنيا كلها البيضة لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة ، فأكب هشام عليه يقبل يديه ورأسه ورجليه ، وقال : حسبي يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وانصرف الى منزله.
أقول : إن هذا الجواب صدر عن الإمام عليه السلام على سبيل الإسكات والإقناع ، والجواب البرهاني أن يقال : إن الله تعالى لا يقدر على مثل ذلك لأنه محال والمحال غير مقدور له ، كما أنه لا يقدر على إيجاد شريك له وعلى الجمع بين النقيضين والضدين ، وهذا ليس من النقص في القدرة بل للنقص في المقدور ، لأن القدرة تحتاج الى أن يكون متعلقها ممكنا في ذاته ، والفرق واضح بين النقص في القدرة والنقص في المقدور ، ولعل الديصاني لو أجيب بمثل هذا لما اقتنع به أو لما عقله.
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن مثل ذلك ، فأجاب بأن الله لا ينسب إلى العجز ، والذي سألتني لا يكون ، وهذا هو الجواب الحقيقي ، ومفاده ما أوضحناه.
ثم إن الديصاني غدا على هشام ، فقال له هشام : إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب ، فقال له : إني جئتك مسلما ولم أجئك متقاضيا للجواب ، فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له ، فلما قعد قال له : يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ، فقال له أبو عبد الله : ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تخبره باسمك؟ قال : لو كنت قلت له عبد الله كان يقول من الذي أنت له عبد؟
فقالوا : عد إليه وقل له يدلك على معبودك ولا يسألك عن اسمك ، فرجع إليه وقال : يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : اجلس ، واذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها
Bogga 201