188

وتظنون أنه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم فلم لا يردهم؟ وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر ، لم السماء مرفوعة والأرض موضوعة؟ لم لا تنحدر السماء على الأرض؟ لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها؟

ولا يتماسكان ولا يتماسك من عليها؟ قال الزنديق : أمسكهما الله ربهما سيدهما.

قال : فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه السلام ، فقال حمران بن أعين (1): جعلت فداك إن آمنت الزنادقة على يدك فقد آمن الكفار على يد أبيك ، فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله عليه السلام : اجعلني من تلامذتك ، فقال أبو عبد الله : يا هشام بن الحكم خذه إليك ، فعلمه هشام ، وكان معلم أهل الشام وأهل مصر الايمان ، وحسنت طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله عليه السلام (2).

وجاء إليه زنديق آخر وسأله عن أشياء نقتطف منها ما يلي : قال له : كيف يعبد الله الخلق ولم يروه؟ قال أبو عبد الله عليه السلام : رأته القلوب بنور الايمان ، وأثبتته العقول بيقظتها إثبات العيان ، وأبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركيب وإحكام التأليف ، ثم الرسل وآياتها ، والكتب ومحكماتها ، واقتصرت العلماء على ما رأت من عظمته دون رؤيته ، قال : أليس هو قادر أن يظهر لهم حتى يروه فيعرفونه فيعبد على يقين؟ قال عليه السلام : ليس للمحال جواب.

أقول : إنما الرؤية تثبت للأجسام وإذا لم يكن تعالى جسما استحالت رؤيته ، والمحال غير مقدور لا من جهة النقص في القدرة بل النقص في المقدور.

Bogga 191