169

استوى » وقوله « يد الله فوق أيديهم » وقوله : « فثم وجه الله » وغيرها ، ولو لا أن نخرج عن الصدد لوافيناك ببعض كلامه ، بيد أننا نذكر كلمة واحدة فحسب وهو ما يروى عن ابن عباس ، قال : قدم يهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقال له نعثل فقال : يا محمد إني أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين ، فإن أنت أجبتني عنها أسلمت على يدك ، قال : سل يا أبا عمارة ، فقال : يا محمد صف لي ربك ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والأبصار عن الاحاطة به جل عما يصفه الواصفون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، كيف الكيفية فلا يقال له كيف ، وأين الأين فلا يقال له أين ، فهو الأحد الصمد ، كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.

قال : صدقت يا محمد ، أخبرني عن قولك : أنه واحد لا شبيه له ، أليس الله واحدا والانسان واحدا ، فوحدانيته أشبهت وحدانية الانسان ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : الله واحد واحدي المعنى ، والانسان ثنوي المعنى ، جسم وعرض وبدن وروح ، فإنما التشبيه في المعاني لا غير ، قال : صدقت يا محمد (1).

أقول : فهذه الكلمة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صريحة في تنزيهه تعالى عما يشابه الخليقة في الذات والصفات ، والقرآن ينادي بفصيحه في ذلك التنزيه بأمثال قوله تعالى : « لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار » (2) فليت شعري أما يكفي في تأويل هاتيك الآيات الظاهرة مثل هذه الآيات الصريحة ،

Bogga 172