Ilzam Nasib
إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب
** هو الله تعالى شأنه
* بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه ، أحد مجلدات حدائق الجنان في ذكر ما ينبغي أن يطلع عليه الإنسان مما ألفه وصنفه المرحوم المبرور حضرة شيخ الفقهاء والمجتهدين حجة الإسلام والمسلمين آية الله الكبرى في الأرضين الحاج الشيخ علي اليزدي الحائري أعلى الله مقامه ونور الله مرقده ، الذي انتهت إليه الرئاسة العلمية والقضاوة الشرعية وتوفي سنة 1333 في الحائر المقدسة بعد إقامته خمسا وستين سنة في تلك البلدة الشريفة ودفن في تلك البلدة عند رجلي العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقد ألف وصنف كتبا كثيرة منها السعادة الأبدية في ذكر الأخبار العددية ، ومنها روح السعادة التي هي فذلكة السعادة الأبدية وخلاصة الأخبار العددية التي طبعها رحمه الله في حياته ، ومنها إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه ، ومنها منظومة في علم الفقه من الطهارة إلى الزكاة مشتملة على المدارك والاستدلالات.
Bogga 9
هذه النسخة الموسومة بالشجرة المباركة
* المشتهرة بإلزام الناصب في إثبات
* الحجة الغائب عجل الله تعالى فرجه
* وسهل الله مخرجه
* بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم يا من خصنا بحججه البالغة ونعمه السابغة الذين بهم رزق الورى وبيمنهم ثبتت الأرض والسماء ، ولولاهم لساخت الأرض بأهلها ، نشكرك اللهم يا من حبانا بخاتم الأوصياء وخاتم الأصفياء وفتننا بغيبته التامة الإلهية الكبرى والطامة العظمى ومن على المؤمنين المنتظرين لدولته ووصفهم بالذكر بقوله ( الذين يؤمنون بالغيب )، (1) والصلاة والسلام على خاتم صحيفة النبوة والمبعوث على الأمة بالهداية والرحمة ، المبشر برجعته والمنذر لغيبته ودولته والمذكر لقيامه وسلطنته حيث أمره الله بقوله ( وذكرهم بأيام الله )، (2) وعلى آله وعترته الهداة البررة الكرام ، واللعنة على أعاديهم من الآن إلى يوم القيام.
أما بعد فيقول العبد الراجي عفو ربه الغني ابن المرحوم زين العابدين البارجيني اليزدي الحائري علي : إني بعد إقامتي في الحائر المقدسة على ساكنيه آلاف التحية كنت كثيرا ما عازما أن أمهد صحيفة جامعة في أحوال سيدنا وإمامنا النجم الثاقب والإمام الغائب حجة الله المنتظر عجل الله تعالى فرجه ولا يسعني الزمان من تقلب الدهر الخوان واختلال البال وكثرة الاشتغال ، إلى أن كاد الفراغ من كتابنا الجامع الموسوم ب (حدائق الجنان في ذكر ما ينبغي أن يطلع عليه الإنسان) وقد خرج منه مجلدات وقد سنح ببالي أن أمهد شجرة منها في ذلك واجعل كراريس في ترجمة الإمام وقطب رحى الإسلام عجل الله فرجه ، فبينما أنا فيه وإذا بسانحة عظيمة وعويصة فخيمة وداهية قد أوقعتني في محبس الاعتزال ومسجن
Bogga 10
الإخمال والإجمال ، وغلقت علي الباب ولم يكن لي أنيسا سوى رب الأرباب فاحتصرت في فسحة الدار ممنوعا من مراجعة الأخيار ، فأتى على ذلك أيام وضاق بي المقام واشتد علي الأمر وبلغت روحي التراق والتفت الساق بالساق ، فسألت الله في ذلك وتوسلت إلى محيط مركز الامة وشمس فلك الإمامة ، وعاهدت الله أن أكتب لاستخلاصي منها شرحا مستقلا يحتوي جل ما يتعلق بأحواله وصحيفة جامعة تفوق الصحف الممهدة له ، فهاجت نفسي فأخذت فيها قبل أن تلمح المناص وتفوح ريح الاستخلاص.
فحاشا المنتظر المهدي نجل الحجة العسكري عجل الله فرجه أن يحجبني دونه الحجاب قبل أوان فراغ غصون هذا الكتاب ، فشرعت فيه على المعهود وصرفت إليه عنان المقصود وعكفت عنان الهمة إلى اجتماع فصول المهمة فها هو قد أتى ، كتاب جامع وبرهان قاطع وصحيفة حاولت النمط الأوفى ومعالم الزلفى وجنة المأوى ، ولعمري قد تضمن هذه السطور كنوزا من لآلئ المنثور وكتاب مسطور في رق منشور ، كاشف الغمة عن المنتظرين ، والكافي عن عمدة ما أهم المسترشدين لإكمال الدين ، بحيرة تضمن بحار الأنوار وعجائب الآثار وينابيع الأخبار بل عيون الأخبار وكشف الأستار عن وجه الغيبة الإلهية النوراء ، وشاخص الأبصار نحو البحر الأبيض والجزيرة الخضراء ، هداة لإرشاد الصراط المستقيم مبرهنا ، براهين إحقاق الحق ودر النظيم سيفا لفتوحات عوالم الغيبة ، وحساما لقطع حبائل الناصب عن الشيعة ، فروعه أبواب دار السلام وفي ثمراته غاية المرام وفاكهة الأنام ، ولاشتمالها على أغصان أنواره الزاهرة وأثمار وجوده الباهرة سميتها بالشجرة المباركة ، ولما تضمن من خرق ما نسجته العامة العمياء وقلع ما أسسته أمة الطواغيت الطغيا من النقض والإبرام في وجوده وتصرفاته سميتها ب (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب) ورتبته على أغصان.
ثم إني اقتصرت فيه على لباب الأخبار بطرح المكررات اللفظية والمعنوية ؛ بإلغاء الأسانيد والرجال من الأخبار المروية ، اعتمادا على الصحاح المشهورة المنقولة واتكالا على الثقات من الرجال المقبولة ، وأحمد الله تعالى سبحانه أولا وآخرا وصلى الله على خاتم أنبيائه وأشرف سفرائه محمد وعترته الطاهرين الأنجبين الغر الميامين.
Bogga 11
الغصن الأول
في أن الأرض لا تخلو من حجة وفيمن مات ولم يعرف إمام زمانه وعلامات الإمام ومعرفته وجوامع صفاته وأن الإمامة في الأعقاب ولا تعود في أخ ولا عم إلا الحسن والحسين عليه السلام وعدم مدخلية البلوغ في الإمامة ولا يضرها صغر السن وفيه فروع :
** الفرع الأول
ومعرفته وجوامع صفاته ، وفيه ثمرات :
الثمرة الأولى :
في أن الأرض لا تخلو من حجة
قال الله تعالى في سورة الرعد ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) (1) وقال الله تعالى في سورة القصص ( ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ) (2).
في معالم الزلفى عن أبي عبد الله عليه السلام : لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام.
وقال عليه السلام : آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه (3). وبهذا المضمون أخبار كثيرة بطرق مختلفة.
وفي الأربعين عن أبي جعفر عليه السلام : لو بقيت الأرض يوما بلا إمام منا لساخت بأهلها ولعذبهم الله بأشد عذابه ، إن الله تبارك وتعالى جعلنا حجة في أرضه وأمانا في الأرض لأهل الأرض ، لن يزالوا في أمان من أن تسيخ بهم الأرض ما دمنا بين أظهرهم ، فإذا أراد الله أن يهلكهم ولا ينظرهم ذهب بنا من بينهم ورفعنا الله ثم يفعل ما شاء وأحب (4).
وفي البحار عن أبي عبد الله عليه السلام : لما انقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى الله عز وجل إليه يا آدم قد انقضت نبوتك وانقطع أكلك فانظر إلى ما عندك من العلم والإيمان وميراث النبوة
Bogga 12
وأثرة العلم والاسم الأعظم فاجعله في العقب من ذريتك عند هبة الله ، فإني لم أدع الأرض بغير عالم يعرف طاعتي وديني ويكون نجاة لمن أطاعه (1).
وفيه عن علي عليه السلام : لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته (2).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : والله ما ترك الله الأرض منذ قبض الله آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله وهو حجة الله على عباده (3).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام : إن الأرض لن تخلو إلا وفيها عالم (4) كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم ، وإذا نقصوا أكملهم ، فقال : خذوه كاملا ، ولو لا ذلك لالتبس على المؤمنين امورهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل (5).
وفيه عن رسول صلى الله عليه وآله : إنما مثل أهل بيتي في هذه الامة كمثل نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم (6).
وفي الكافي عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للزنديق الذي سأله : من أين أثبت الأنبياء والرسل؟ قال : إنا لما أن لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق الله وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم ويباشروه ويحاجهم ويحاجوه ثبت أن له سفراء في خلقه يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه عز وجل وهم الأنبياء وصفوته من خلقه ، حكماء مؤدبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس على مشاركتهم في الخلق والتركيب في شيء من أحوالهم مؤيدين عند الحكيم العليم بالحكمة.
ثم ثبت في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكي لا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته (7).
Bogga 13
وفيه عنه عليه السلام : إن الحجة لا يقوم لله على خلقه إلا بإمام حي حتى يعرف (1).
وفيه عنه عليه السلام : الحجة قبل الخلق [آدم] ومع الخلق وبعد الخلق [صاحب الأمر] عليه السلام (2).
وفيه سئل أبو عبد الله : تكون الأرض ليس فيها إمام؟ قال : لا ، قلت : يكون إمامان؟ قال : لا إلا وأحدهما صامت (3).
وفيه عنه عليه السلام : إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم وإن نقصوا شيئا أتمه لهم (4).
وفيه عنه عليه السلام : ما زالت الأرض إلا ولله فيها الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله (5).
وفيه عن أحدهما عليه السلام : إن الله لم يدع الأرض بغير عالم ، ولو لا ذلك لم يعرف الحق من الباطل (6).
وقال : إن الله أجل وأعظم من أن يترك الأرض بغير إمام عادل (7).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : والله ما ترك الله أرضا منذ قبض الله آدم إلا وفيها إمام يهتدى به إلى الله عز وجل وهو حجته على عباده ولا تبقى الأرض بغير إمام حجة لله على عباده (8).
وفيه عن أبي الحسن عليه السلام : إن الأرض لا تخلو من حجة وأنا والله ذلك الحجة (9).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام : لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت (10).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله (11).
وفيه سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام : هل تبقى الأرض بغير إمام؟ قال : لا. قيل : إنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عز وجل على العباد. فقال : لا تبقى إذا لساخت (12).
Bogga 14
الثمرة الثانية
فيمن مات ولم يعرف إمام زمانه ودان الله بغير إمام
في الكافي عن أبي جعفر عليه السلام لمحمد بن مسلم : من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله فمثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها ، فلما جنها الليل بصرت بقطيع غنم بغير راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها وبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها فصاح بها الراعي : الحقي براعيك وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيرة نادة (1) ولا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها ، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله جل وعز ظاهرا عادلا أصبح ضالا تائها ، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق. واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد (2).
وفيه عن عبد الله بن أبي يعفور قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا ، لهم أمانة وصدق ووفاء ، وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء ولا الصدق. قال : فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا فأقبل علي كالغضبان ثم قال : لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله ، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله. قلت : لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء! قال : نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء. ثم قال : ألا تسمع لقول الله عز وجل ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) (3) يعني ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله
Bogga 15
عز وجل وقال ( والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) (1) إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياه من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفار ( أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) (2) (3).
وفيه عنه عليه السلام : إن الله لا يستحي أن يعذب أمة دانت بإمام ليس من الله ، وإن كانت في أعمالها برة تقية. وإن الله ليستحي أن يعذب أمة دانت بإمام وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة (4).
وفيه عن فضيل بن يسار : ابتدأنا أبو عبد الله يوما وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية. قلت : قال ذلك رسول الله!؟ فقال : إي والله قد قال. قلت : فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ قال : نعم (5).
وفيه عن ابن أبي يعفور قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، قال : فقلت : ميتة كفر؟ قال : ميتة ضلال. قلت : فمن مات اليوم وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟ قال : نعم (6).
وفيه قال أبو عبد الله عليه السلام : من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله تعالى العناء ، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله تعالى فهو مشرك ، وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون (7).
وفيه سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام أخبرني عمن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة هو وسائر الناس سواء في العقاب [فقال : كان علي بن الحسين عليه السلام يقول : عليهم ضعفا العذاب] (8).
وفيه عن ابن أبي نصر سألته عليه السلام الجاحد منكم ومن غيركم سواء؟ فقال : الجاحد منا له ذنبان والمحسن له حسنتان (9).
Bogga 16
الثمرة الثالثة
في حالات الإمام وكيفياته وعلاماته
في الكافي عن الحكم بن عتيبة (1) قال : دخلت على علي بن الحسين عليه السلام يوما فقال : يا حكم هل تدري ما الآية التي كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الامور العظام التي كان يحدث بها الناس.؟ قال الحكم فقلت في نفسي : قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين عليهما السلام أعلم بذلك تلك الامور العظام. قال : فقلت : لا والله لا أعلم ، ثم قلت الآية تخبرني بها يا بن رسول الله. قال : هو والله قول الله ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ) (2) ولا محدث وكان علي بن أبي طالب عليه السلام محدثا. فقال رجل يقال له عبد الله بن زيد كان أخا لعلي لامة : سبحان الله محدثا! كأنه ينكر ذلك. فأقبل عليه أبو جعفر فقال : أما والله إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك. قال : فلما قال ذلك سكت الرجل ، فقال : هي التي هلك فيها أبو الخطاب (3) فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي (4).
وفي البحار عن أبي عبد الله عليه السلام : كان علي محدثا وكان سلمان محدثا. قبل فما آية المحدث؟ قال : يأتيه ملك فينكت كيت وكيت (5).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : إن عليا كان محدثا. فخرجت إلى أصحابي فقلت لهم : جئتكم بعجيبة. قالوا : ما هي؟ قلت : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كان علي محدثا. فقالوا : ما صنعت شيئا ، ألا سألته من يحدثه.؟ فرجعت إليه فقلت له : إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا : ما صنعت شيئا ألا سألته من يحدثه؟ فقال لي : يحدثه ملك. قلت : فنقول إنه نبي. قال : فحرك يده هكذا ثم قال أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين ، أو ما بلغكم
Bogga 17
أنه عليه السلام قال : وفيكم مثله (1).
في الكافي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام يقول : لو لا أن نزداد لأنفدنا. قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله. قال : أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله ثم على الأئمة ثم انتهى الأمر إلينا (2).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام إن لله تعالى علمين علما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه ، وعلما استأثر به ، فإذا بدا الله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا (3).
وفي البحار عن أبي عبد الله عليه السلام : إنا لنزداد في الليل والنهار ولو لم نزدد لنفد ما عندنا (4). وفيه عنه عليه السلام ليحيى الصنعاني (5): يا يحيى في ليالي الجمعة لشأن من الشأن. قال : فقلت له : جعلت فداك وما ذلك الشأن؟ قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها فتطوف بها اسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملئوا وأعطوا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير (6).
وفي الكافي عن سيف التمار : كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين. فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا : ليس علينا عين. فقال : ورب الكعبة ورب البينة ثلاث مرات لو كنت بين موسى والخضر [لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما ؛ لأن موسى والخضر عليهما السلام ] ، (7) أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله وراثة (8).
وفيه عنه عليه السلام يقول : إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ولأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وأعلم ما يكون. قال : ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على
Bogga 18
من سمعه منه فقال : علمت ذلك من كتاب الله إن الله عز وجل يقول «فيه تبيان كل شيء» (1).
وفي البحار عن أبي جعفر عليه السلام سئل علي عن علم النبي فقال عليه السلام : علم النبي علم جميع النبيين وعلم ما كان وما هو كائن إلى قيام الساعة. ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي وعلم ما كان وعلم ما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة (2).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام : والله إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وما في الجنة والنار وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة ، ثم قال : أعلمه من كتاب الله ، أنظر إليه هكذا ثم بسط كفيه ثم قال : إن الله يقول «وأنزلنا إليك الكتاب فيه تبيان كل شيء» (3).
وفيه عن مفضل عن الصادق عليه السلام قال : يا مفضل هل عرفت محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين كنه معرفتهم؟ قال : يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الأعلى (4). قال : قلت : عرفني يا سيدي؟ قال : يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق الله عز وجل وذرأه وبرأه وأنهم كلمة التقوى وخزان السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار ، وعلموا كم في السماء من نجم وملك وكم وزان الجبال وكيل ماء البحر وأنهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلا علموها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ، وهو في علمهم وقد علموا ذلك. فقلت : يا سيدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت ، قال : نعم يا مفضل نعم يا مكرم يا محبور نعم يا طيب ، طبت وطابت لك الجنة ولكل مؤمن بها (5).
في البحار عن أصبغ بن نباتة : كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية. قال : فنكت أمير المؤمنين عليه السلام بعود كان في يده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء. قال الأصبغ : فعجبت من ذلك عجبا شديدا فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال : والله يا أمير المؤمنين لاحبك في السر كما أحبك في العلانية. قال : فنكت بعوده
Bogga 19
ذلك في الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال : صدقت إن طينتنا طينة مرحومة أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها داخل إلى يوم القيامة أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله (1).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال : أنا والله أحبك وأتولاك. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ما أنت كما قلت : إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب لنا ، فو الله ما رأيت روحك فيمن عرض علينا فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه (2).
في البحار عنه عليه السلام : إن الله أكرم وأحكم وأجمل وأعظم وأعدل من أن يحتج بحجة ثم يغيب عنه شيئا من امورهم (3).
وفيه عنه عليه السلام : من زعم أن الله يحتج بعبده في بلاده ثم يستر عنه جميع ما يحتاج إليه فقد افترى على الله (4).
وفيه عنه عن أبيه عليهما السلام لجماعة من أصحابه : والله لو أن على أفواههم أوكية لأخبرت كل رجل منهم ما لا يستوحش إلى شيء ، ولكن فيكم الإذاعة والله بالغ أمره (5).
وفيه عن أبيه سعيد الخدري عن رميلة قال : وعكت وعكا شديدا في زمان أمير المؤمنين عليه السلام فوجدت من نفسي خفة في يوم الجمعة وقلت : لا أعرف شيئا أفضل من أن أفيض على نفسي من الماء واصلي خلف أمير المؤمنين عليه السلام ، ففعلت ثم جئت إلى المسجد فلما صعد أمير المؤمنين عليه السلام المنبر عاد علي ذلك الوعك فلما انصرف أمير المؤمنين عليه السلام ودخل القصر دخلت معه فقال : يا رميلة رأيتك وأنت متشبك بعضك في بعض. فقلت : نعم وقصصت عليه القصة التي كنت فيها والذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه ، فقال : يا رميلة ليس من مؤمن يمرض إلا مرضنا بمرضه ولا يحزن إلا حزنا بحزنه ولا يدعو إلا أمنا
Bogga 20
بدعائه ولا يسكت إلا دعونا له. فقلت له : يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك هذا لمن معك في القصر أرأيت من كان في أطراف الأرض. قال : يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الأرض ولا في غربها (1).
وفي الكافي عن مفضل بن عمر قال : أتينا إلى باب أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت : أصلحك الله أتيناك ونريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا لبكائك. فقال عليه السلام : نعم ذكرت إلياس النبي عليه السلام وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل فقلت كما يقول في سجوده ، ثم اندفع فيه بالسريانية. فلا والله ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه ثم فسره لنا بالعربية فقال : كان يقول في سجوده أتراك معذبي وقد أظمأت لك هو اجري ، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي ، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي ، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي ، قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك. قال : فقال : إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني كان ما ذا ألست عبدك وأنت ربي. قال : فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك فإني إذا وعدت وعدا وفيت به (2).
وفي البحار عن الثمالي عن علي عليه السلام : لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل القرآن بالقرآن حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل الإنجيل بالإنجيل حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتى يزهر إلى الله ، ولو لا آية في كتاب الله لأنبئنكم بما يكون حتى تقوم الساعة (3).
وفيه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن الله تعالى لما أنزل ألواح موسى عليه السلام أنزلها عليه وفيها تبيان كل شيء وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة. فلما انقضت أيام موسى عليه السلام أوحى الله إليه أن استودع الألواح وهي زبرجدة من جبل الجنة ، فأتى موسى الجبل فانشق له الجبل فجعل فيه الألواح ملفوفة ، فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها فلم تزل في الجبل حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله نبيه ، فأقبل ركب من اليمن يريدون النبي صلى الله عليه وآله فلما انتهوا
Bogga 21
إلى الجبل انفرج الجبل وخرجت الألواح ملفوفة كما وصفها موسى فأخذها القوم فلما وقعت في أيديهم ألقي في قلوبهم أن لا ينظروا إليها وهابوها حتى يأتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأنزل الله جبرئيل على نبيه وأخبره بأمر القوم وبالذي أصابوا ، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وآله ابتدأهم النبي صلى الله عليه وآله فسألهم عما وجدوا. فقالوا : وما علمك بما وجدنا؟ فقال صلى الله عليه وآله : أخبرني به ربي وهي الألواح. فقالوا : نشهد أنك رسول الله ، فأخرجوها ودفعوها إليه ، فنظر إليها وقرأها وكتابها بالعبراني ، ثم دعا أمير المؤمنين عليه السلام فقال : دونك هذه ففيها علم الأولين وعلم الآخرين وهي ألواح موسى وقد أمرني ربي أن أدفعها إليك قال : يا رسول الله لست احسن قراءتها. قال : إن جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه فإنك تصبح وقد علمت قراءتها ، فجعلها تحت رأسه فأصبح وقد علمه الله كل شيء فيها ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله أن ينسخها في جلد شاة ، وهو الجفر وفيه علم الأولين والآخرين وهو عندنا والألواح ، وعصا موسى عندنا ونحن ورثنا النبي (1).
في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام : نحن شجرة النبوة وبيت الرحمة ومفاتيح الحكمة ومعدن العلم وموضوع الرسالة ومختلف الملائكة وموضوع سر الله ، ونحن وديعة الله في عباده ونحن حرم الله الأكبر ونحن ذمة الله ونحن عهد الله ، فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله ومن خفرها (2) فقد خفر ذمة الله وعهده (3).
في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كانه في كفي ، فيه خبر السماء وخبر الأرض وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، قال الله عز وجل : «فيه تبيان كل شيء» (4).
في الكافي عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) (5) ففرج أبو عبد الله بين أصابعه فوضعها في صدره ثم قال : وعندنا علم الكتاب كله (6).
Bogga 22
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن اسم الله الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، ونحن عندنا من الاسم الأعظم اثنان وسبعون حرفا ، وحرف عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1).
في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام يقول : ألواح موسى عندنا وعصا موسى عندنا ونحن ورثة النبيين (2).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه : ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه فمن كان جائعا شبع ومن كان ظامئا روي فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة (3).
في الكافي عن سعيد السمان قال : كنت عند أبي عبد الله إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له : أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال فقال : لا (4).
فقالا له : قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به وتسميتهم لك فلان وفلان وهم أصحاب ورع وتشمير (5)، وهم ممن لا يكذب ، فغضب أبو عبد الله عليه السلام وقال : ما أمرتهم بهذا ، فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا. فقال لي : أتعرف هذين؟ قلت : نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه وآله عند عبد الله بن الحسن. فقال : كذبا لعنهم الله والله ما رآه عبد الله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه ، اللهم إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين عليهما السلام فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضه؟ وما أثر في موضع مضربه؟ وإن عندي لسيف رسول الله وإن عندي لراية رسول الله ودرعه ولأمته
Bogga 23
ومغفره (1)، وإن كانا صادقين فما علامة درع رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله المغلبة ، وإن عندي ألواح موسى وعصاه وإن عندي لخاتم سليمان بن داود عليهما السلام ، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب بها القربان ، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة ، وإن عندي كمثل الذي جاءت به الملائكة (2)، ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل ، كانت بنو إسرائيل في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم اوتوا النبوة ، ومن صار إليه السلاح منا اوتي الإمامة وقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله فخطت على الأرض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت ، وقائمنا إذا لبسها ملأها إن شاء الله (3).
وفيه عن أبي جعفر عليه السلام : إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك وأينما دار السلاح فينا دار العلم (4).
وفيه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الجعفر قال : هو جلد ثور مملوء علما. قال له : فالجامعة؟ قال : تلك الصحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج (5)، فبها كل ما يحتاج الناس إليه وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش. قال : فمصحف فاطمة عليها السلام ؟ قال : فسكت طويلا ثم قال : إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون ، إن فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله سبعين يوما كان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها ويحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها فكان علي يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة (6).
في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام : أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير فليس ذلك بحجة الله على خلقه (7).
وفيه عن حسن بن جهم ، قلت للرضا : إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه وقوله لما سمع صياح الإوز في الدار : صوائح تتبعها
Bogga 24
نوائح ، وقول أم كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس فأبى عليها ، وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف أن ابن ملجم قاتله بالسيف ، كان هذا مما لم يجز تعرضه. فقال : ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عز وجل (1).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه ودخوله في قبره قلت : يا أباه والله ما رأيتك منذ اشتكيت بأحسن منك اليوم ، ما رأيت عليك أثر الموت فقال : يا بني أما سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ينادي من وراء الجدار : يا محمد ، تعال عجل (2).
في الكافي عن أبي جعفر عليه السلام نزل جبرئيل برمانتين من الجنة من الجنة فلقيه علي عليه السلام فقال : ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال : أما هذه فالنبوة ليس لك فيها نصيب وأما هذه فالعلم ثم فلقها رسول الله بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها ثم قال : أنت شريكي فيه. قال : فلم يعلم والله رسول الله حرفا مما علمه الله إلا وقد علمه عليا ثم انتهى العلم إلينا ثم وضع يده على صدره (3).
الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام : إن علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الأسماع.
فقال : أما الغابر فما تقدم من علمنا وأما المزبور فما يأتينا وأما النكت في القلوب فإلهام وأما النقر في الأسماع فأمر الملك (4).
الكافي عن أبي بصير قلت لأبي عبد الله عليه السلام : من أين أصاب أصحاب علي ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم؟ قال : فأجابني شبه المغضب : ممن ذلك الأمر إلا منهم. فقلت : ما يمنعك جعلت فداك. قال : ذلك باب أغلق إلا أن الحسين بن علي عليهما السلام فتح منه شيئا يسيرا. ثم قال : يا أبا محمد إن اولئك كان على أفواههم أوكية (5).
الكافي عن سدير قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن قوما يزعمون أنكم آلهة يتلون علينا بذلك قرآنا ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) (6) فقال : يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء برآء ، وبرئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ولا
Bogga 25
على دين آبائي ، والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم. قال : قلت: وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرءون علينا بذلك قرآنا ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ) (1) فقال : يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء برآء وبرئ الله منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي ، والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم قال : قلت : فما أنتم؟ قال : نحن خزان علم الله نحن تراجمة أمر الله نحن قوم معصومون ، أمر الله تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض (2).
وفيه عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن علم العالم. قال لي : يا جابر إن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح روح القدس وروح الايمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة ، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى. ثم قال : يا جابر إن هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب (3).
وفيه عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن علم الإمام بما في أقطار الأرض وهو في بيته مرخى عليه ستره. قال : يا مفضل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي خمسة أرواح روح الحياة فبه دب ودرج ، وروح القوة فبه نهض وجاهد ، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال وروح الإيمان فبه آمن وعدل ، وروح القدس فبه حمل النبوة فإذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس فصار إلى الإمام ، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو ، والأربعة الأرواح تنام وتغفل وتلهو وتزهو ، وروح القدس كان يرى به (4).
الكافي : سئل أبو عبد الله عن قول الله عز وجل ( يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) (5) قال : خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل لم يكن مع أحد ممن مضى غير محمد وهو مع الأئمة يسددهم وليس كلما طلب وجد (6).
الكافي : عن أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن الإمام متى يعرف إمامته وينتهي الأمر إليه ،
Bogga 26
قال : في آخر دقيقة تبقى من حياة الأول (1).
الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام قال ( الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء ) (2) قال : الذين آمنوا النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام وذريته الأئمة والأوصياء ألحقنا بهم ولم ينقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في علي وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة (3).
الكافي عن بريد العجلي : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله الله عز وجل ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) (4) (5) قال : إيانا عنى أن يؤدوا الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم. ثم قال للناس ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (6) إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وأولي الأمر منكم ، كذا نزلت ، وكيف يأمرهم الله عز وجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (7).
الكافي عن أبي بصير : كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكروا الأوصياء وذكرت إسماعيل فقال : لا ، والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا وما هو إلا إلى الله عز وجل ينزل واحدا بعد واحد (8).
وفيه عنه عليه السلام : أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد لا والله ولكن عهد من الله ورسوله لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه (9).
وفيه عنه عليه السلام : إن الإمامة عهد من الله عز وجل معهود لرجال مسمين ليس للإمام أن يزويها عن الذي يكون من بعده ، إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله ، وكان لداود عليه السلام أولاد عدة فيهم غلام كانت أمة عند داود وكان لها محبا فدخل داود عليه السلام عليها حين أتاه الوحي
Bogga 27
فقال لها : إن الله عز وجل أوحى إلي يأمرني أن أتخذ وصيا من أهلي. فقالت له امرأته : فليكن ابني. قال : ذاك اريد. وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنه سليمان فأوحى الله تبارك وتعالى لداود أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود عليه السلام أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله عز وجل إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك فجمع داود عليه السلام ولده فلما أن قص الخصمان قال سليمان: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال : دخلته ليلا ، قال : قد قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا. ثم قال له داود : فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل فكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان عليه السلام : إن الكرم لم يجتث من أصله وإنما أكل حمله وهو عائد في قابل فأوحى الله عز وجل إلى داود أن القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به ، يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره ، فدخل داود على امرأته فقال : أردنا أمرا وأراد الله أمرا غيره ، لم يكن إلا ما أراد الله عز وجل فقد رضينا بأمر الله عز وجل وسلمنا. وكذلك الأوصياء ليس لهم أن يتعدوا بهذه فيتجاوزون صاحبه إلى غيره.
قال الكليني رحمه الله : معنى الحديث الأول أن الغنم لو دخلت الكرم نهارا لم يكن على صاحب الغنم شيء لأن لصاحب الغنم أن يسرح غنمه بالنهار ترعى وعلى صاحب الكرم حفظه ، وعلى صاحب الغنم أن يربط غنمه ليلا ولصاحب الكرم أن ينام في بيته (1).
وفيه عن أبي عبد الله عليه السلام : أترون أن الموصي منا يوصي إلى من يريد؟ لا والله ولكنه عهد رسول الله إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه (2).
الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام : إن الوصية نزلت من السماء على محمد صلى الله عليه وآله كتابا ، لم ينزل على محمد كتاب محتوم إلا الوصية ، فقال جبرئيل : يا محمد هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال : نجيب الله منهم وذريته ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم وميراثه لعلي وذريتك من صلبه. قال : وكان عليها خواتيم قال : ففتح علي عليه السلام الخاتم الأول ومضى لما فيها ، ثم فتح الحسن الخاتم الثاني ومضى لما امر به ونهي ، فلما توفي الحسن عليه السلام ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجدها : أن قاتل
Bogga 28