- ففي حقيقة الغرر وتعريفه، سيدرك أن المراد بالغرر هو الخطر أو المخاطرة المفضية إلى أكل مال الغير وأخذ حقه بالباطل.

- وفي حقيقة الكثير واليسير من الغرر، سيدرك دور العادة المُتَّبَعة في تحديد الكثير واليسير والتفريق بينهما، فما جرت به العادة الإنسانية أنه يسير فهو يسير في مجال المعاملات والبيوعات، وما جرت به العادة أنه كثير فهو كثير...

- وفي حقيقة البيع وشروطه، سيدرك معنى التراضي أو الرضا الذي يلزم تحصيله بين المتبايعين، فلا يجوز أخذ مال الغير أو متاعه إلا بالرضا وطيب النفس وانشراح الصدر...

- وفي حكمة مشروعية البيع ومنع الغرر، سيدرك غايات التشريع ومقاصده المترتبة على كل ذلك، ومن ذلك جلب المنافع للناس وتقريب الأمتعة إليهم وتحقيق الكسب الحلال بالطرق الشرعية النظيفة وتمتين الروابط الإنسانية والأخوية باستبعاد ما يكون سببا في انفكاكها أو ضعفها، ومن ثم حُرِّم الغش والغصب والرشوة والربا وما في معانيها.

- وفي كل هذه الإطلالات والمطالعات سينظر في أدلة من القرآن والسنة، وفي آثار وأقوال وآراء للصحابة والتابعين والأئمة والمجتهدين، وسيعود إلى كتب التفاسير وشروح الأحاديث وكتب الفقه والخلاف الفقهي والفتاوى والنوازل، وفي غير ذلك مما يزود الناظر والمطالع بالمعرفة والثقافة الدينية الإسلامية، ومما يؤسس ما يُعرف بالملكة الفقهية الناهضة، أو بالعقلية الشرعية الواعية والعميقة والواقعية.

الفائدة ٣: تخريج الفروع الفقهية واستنباط الحلول الشرعية الإسلامية للحوادث والنوازل، وذلك باستخدام الملكة الفقهية في فهم مناهج الإفتاء والاجتهاد، وفي القدرة على التعامل مع النصوص والأدلة الشرعية.

ولعل هذه الفائدة هي الأهم والأبرز في وضع القاعدة وصياغتها من حيث الأصل، إذ القواعد الفقهية قد جعلت وقُررت لتعرف أحكامها وفروعها منها. وهذا هو الذي نص عليه أغلب أو جميع من عرَّفها وبيَّنها.