215

Iliyadha

الإلياذة

Noocyada

قال هذا وقذف رمحه البراق نحو أياس، فأخطأه، ولكنه أصاب «لوكوفرون بن ماستور»، خادم أياس، القادم من كوثيرا، والذي كان يقطن معه، بعد أن قتل رجلا في كوثيرا المقدسة. فلقد ضربه هكتور بالبرونز الحاد فوق رأسه - أعلى الأذن - وهو واقف بالقرب من أياس، فسقط من مؤخر السفينة إلى الوراء على الأرض، يتردى في الثرى، وانحلت أطرافه. فارتعد أياس وتحدث إلى أخيه قائلا: «يا تيوكر العزيز، لقد سقط زميل مخلص لكلينا حقا، فإن ابن ماستور - الذي كرمناه في بيوتنا كما نكرم آباءنا، حين أقبل من كوثيرا - قد صرعه هكتور العظيم النفس. أين سهامك الآن، تلك التي تجلب الموت السريع، والقوس التي أعطاك إياها أبولو؟»

هكذا قال، فسمع الآخر كلامه، وجرى في الحال، فاتخذ موقفه إلى جواره، حاملا في يده قوسه المعقوفة الظهر، وجعبة السهام. وبمنتهى السرعة أطلق سهامه نحو الطرواديين، فأصاب «كلايتوس» المجيد، ابن «بانثوس» - بينما كان منصرفا إلى جياده وممسكا بالأعنة في يده، إذ كان يسوقها إلى حيث كانت معظم الفيالق تتشتت في فوضى، مبتغيا بذلك إرضاء هكتور والطرواديين. بيد أن الشر حل عليه، ولم يستطع أحد منهم أن يدرأه عنه، بالرغم من أنهم كانوا يتوقون إلى ذلك. فانغرس السهم المشحون بالأنات في قفاه، وسقط من العربة المكينة، وعند ذلك انحرفت الجياد جانبا، وقرقعت العربة الخاوية. وسرعان ما أبصر بها الأمير «يولوداماس» فكان أول من خطا بسرعة صوب الخيول، وسلمها إلى «أستونوس بن بروتيان»، وشدد عليه الأمر بأن يحتفظ بها قريبا من متناول يده. وظل يراقبه فترة من الوقت، ثم عاد هو شخصيا فانضم إلى محاربي الصفوف الأولى.

ثم تناول «تيوكر» سهما آخر ليسدده نحو هكتور، المسلح بالبرونز، فكان كفيلا بأن يكفه عن القتال بجانب سفن الآخيين، ويسلبه حياته، لو أنه أصابه وهو يبدي بسالته، ولكن عقل زوس الحكيم لم يغفل عنه، إذ كان يرعى هكتور، فأخذ المجد تيوكر بن تيلامون. وذلك بأن حطم زوس الوتر المجدول جيدا - والمثبت في القوس العظيمة - بمجرد أن جذبه ضد هكتور، فطاش سهمه المثقل بالبرونز، وسقط القوس من يده. عندئذ ارتعد تيوكر، وخاطب أخاه قائلا: «حسبك، فالواقع أن ثمة ربا يحبط خططنا في القتال ويجعلها تسفر عن لا شيء، فقد أسقط القوس من يدي، وهشم الوتر المفتول حديثا، والذي ثبته بإحكام هذا الصباح لكي يساعدني على تسديد السهام، حتى تنطلق بكثرة وشدة.»

عندئذ رد عليه أياس التيلاموني العظيم بقوله: «نعم، يا صديقي، ما عليك الآن إلا أن تترك قوسك وسهامك الكثيرة باقية حيث هي - ما دام أحد الآلهة قد أنزل عليها اللعنة، رغبة في الإساءة إلى الدانيين - وأن تتناول في يدك رمحا طويلا وترسا فوق كتفك، لتقاتل الطرواديين، ثم عليك أن تحصن بقية القوم، إذ يجب ألا يستولي الأعداء على سفننا المكينة المقاعد بدون قتال، مهما يتفوقون علينا. هيا بنا نوطد العزم على القتال.»

صراع بالقرب من السفن!

هكذا تكلم تيوكر، وأعاد القوس ثانية إلى داخل الكوخ، وحمل على كتفيه ترسا ذا أربع طبقات، وفوق رأسه العتيد وضع خوذة متينة الصنع ذات خصلة من شعر الخيل، وكانت الريشة تهتز فوقها بعنف، وتناول رمحا متينا، مدبب الطرف بالبرونز الحاد، وانطلق مسرعا إلى حيث وقف إلى جانب أياس.

غير أن هكتور - عندما أبصر أن سهام تيوكر قد أسفرت عن لا شيء - صاح في الطرواديين واللوكيين صيحة عالية، قائلا: «أيها الطرواديون واللوكيون والداردانيون الذين يقاتلون في التحام. كونوا رجالا يا أصدقائي وشدوا عزائمكم على الجرأة وسط السفن الجوفاء، لأن عيني قد رأتا بحق كيف أحبط «زوس»، مفعول سهام أحد الأبطال. فما أسهل الوقوف على مدى مساعدة زوس للبشر، سواء لدى من يحابيهم بمجد النصر، أو من يخزيهم ولا يبغي لهم عونا - كما يفعل الآن، إذ يوهن من قوة الأرجوسيين، في حين أنه يساعدنا - فقاتلوا بكتلكم المتراصة عند السفن. وإذا قدر لواحد منكم أن يصاب بسهم أو طعنة رمح، وصار عليه أن يلقى القضاء والموت، فليرقد في مماته. فليس من العار أن يموت المرء وهو يقاتل من أجل وطنه، بل إن زوجته ستكون آمنة - من بعده - وكذا أطفاله، وستغدو أرضه وداره بعيدة عن الأذى، إذا رحل الآخيون بسفنهم إلى أرض وطنهم العزيز.»

وما إن قال هذا، حتى أثار قوة الرجال جميعا وروحهم. أما أياس - في الجانب المقابل - فقد صاح في رجاله ثانية، قائلا: «يا للعار، أيها الأرجوسيون! من المؤكد الآن أنه لا بد لنا من أن نهلك عن بكرة أبينا، أو نلتمس الخلاص بدفع الخطر عن السفن. أم تراكم تظنون أنه إذا استولى هكتور ذو الخوذة البراقة على السفن، فسيتسنى لكم أن تعودوا إلى أرض الوطن، كل واحد منكم، على قدميه؟! ألا تسمعون هكتور وهو يثير حمية كل فرد في جيشه ليحرق السفن؟ إنه لا يأمرهم بالحضور إلى الرقص، بل إلى القتال. وليس لنا من خطة أو نصح خير من أن نستخدم أيدينا وقوتنا ضدهم في القتال الملتحم. إن من الخير أن نجازف مرة، فإما أن نموت، وإما أن نحيا، بدلا من أن نظل طويلا في عناء لا جدوى منه، كهذا العناء، وفي صراع رهيب وسط السفن، تحت ضربات رجال لا نقيم لهم وزنا!»

وما إن قال هذا، حتى أثار قوة وروح كل رجل. وما لبث هكتور أن قتل «سخيديوس بن بيريميدس» - قائد الفوكيين - في حين أن أياس قتل «ليوداماس»، قائد المشاة المجيد، ابن أنتينور. أما «بولوداماس» فقد قتل «أوتوس» الكيليني، رفيق ابن فوليوس، قائد الأيبيين العظيم النفس. ورآه «ميجيس» فانقض عليه، ولكن بولوداماس أفلت من تحته، فأخطأه ميجيس، لأن أبولو لم يكن ليرتضي لابن بانثوس أن يقتل وسط محاربي المقدمة، ولكنه أصاب كرويسموس برمحه في وسط صدره، فسقط في دوي، واستعد الآخر لينزع عدته الحربية عن كتفيه، فانبرى له «دولوبس»، وهو محارب بارع، وابن للاوميدون،

3

Bog aan la aqoon