210

والمذهبات أي: المكتوبة بماء الذهب، وأصحابها: حسان بن ثابت الأنصاري، وعبد الله بن رواحة، ومالك بن عجلان، وقيس بن الخطيم الأوسي، وأحيحة بن الجلاح، وأبو قيس بن الأسلت، وعمرو بن امرئ القيس.

والمراثي: وأصحابها: أبو ذؤيب الهذلي، ومحمد بن كعب الغنوي، وأعشى باهلة، وعلقمة بن عبدة الحميري، وأبو زبيد الطائي، ومتمم بن نويرة، ومالك بن ريب النهشلي التميمي.

والمشوبات، وهي التي شابها الكفر والإسلام، وأصحابها: النابغة الجعدي، وكعب بن زهير، والقطامي، والحطيئة والشماخ بن ضرار، وعمرو بن أحمر، وتميم بن أبي مقبل.

والملحمات، ولعلهم أرادوا بهذه التسمية الإشارة إلى إحكام نظمها، وإلحام شعرها كما تقدم، وأصحابها: الفرزدق، وجرير الخطفي، والأخطل التغلبي، وعبيد الراعي، وذو الرمة، والكميت، والطرماح بن حكيم الطائي.

فهذه تسع وأربعون منظومة لتسعة وأربعين شاعرا إذا تصفحتها تبينت لك في كثير منها مزايا هذه الملاحم القصيرة المختصة بلغة العرب، ولا سيما ما قيل منها في الجاهلية كالمعلقات، فإنك ترى فيهن من سرد الحوادث وتفصيل الوقائع، وتمثيل المشاهد وبداهة الفكر ما يعد في أعلى طبقات الشعر القصصي، وفيهن أيضا من بديع التصور والسذاجة، وحسن التصرف البديهي، وإجادة الرصف، وإبداع الوصف، وإحكام التشبيه ما يسمو بهن إلى أرفع درجات الشعر الموسيقي، فهن بهذا المعنى قد جمعن بين محاسن الطريقتين في الشعر العربي كما جمعت إلياذة هوميروس بين أطراف المحاسن في الشعر اليوناني.

فالمعلقات إذن رأس الملاحم العربية، وأقربهن إلى منظومات الشعر القصصي على ما يراد به في العرف معلقة الحارث بن حلزة؛ لإفاضته في وقائع بكر وتغلب، وتغنيه بفوز قومه ونكال عدوه، ومفاخر عشيرته على ما يماثل تغني هوميروس في الإلياذة، وتليها بهذا المعنى معلقة عمرو بن كلثوم ثم معلقة زهير.

ويلحق بالمعلقات باعتبار أنها ملاحم عربية مجمهرة بشر بن أبي خازم، وأمية بن أبي الصلت، ومنتقيات مهلهل بن ربيعة، ودريد بن الصمة، والمتنخل بن عويمر، ومذهبة قيس بن الخطيم، ومشوبة النابغة الجعدي، وملحمات الفرزدق، والكميت والطرماح.

وأنت ترى أن معظم أصحاب الملاحم من الجاهليين، وإن أحسنها المعلقات وجميع أصحابها من أبناء الجاهلية، وقد عرا الشعر القصصي بعدهم ضعف ألمعنا إليه فلا حاجة إلى التكرار.

ملاحم المولدين

إذا قصر المولدون عن الجاهليين بالبداهة الفكرية، فقد رأيت أنهم فاقوهم بسمو التصور والرقة، وصعدوا فوقهم درجات في سلم البلاغة بفضل القرآن، ولو لم تتغير مناحي شعرهم لما تقدم بسطه من الأسباب لأبدعوا في جميع الأساليب الشعرية، ولكنهم لم يستتموا الاقتباس، وإلا فلو استرشدوا ببعض السور القرآنية كسورة يوسف، وسورة مريم وسورة الأنبياء مما يعد نبراسا نيرا للملاحم لفاقوا الجاهليين بالشعر القصصي كما فاقوهم بالشعر الموسيقي.

Bog aan la aqoon