196

في جنب ما اسأره شحط النوى

ومن هذا القبيل قصيدة الطغرائي المعروفة بلامية العجم، إذ قالها لغرض في نفسه، ومزج فيها الحكم بالفخر كما ينبئك مطلعها:

أصالة الرأي صانتني عن الخطل

وحلية الفضل زانتني لدى العطل

مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع

والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل

وأبناء هذا الفريق الأخير من الشعراء يتجاوزون حد الحصر، ويندر أن ترى شاعرا لم يودع شعره شيئا من الحكم والأمثال بل كان كثيرون منهم يوطئون بها للمدح والهجاء، والوصف والرثاء، فتقوم لديهم مقام التوطئة بالغزل.

ويقال في الجملة: إن المولدين مع تبذلهم في المدح طرقوا جميع أبواب الشعر مما تقدم ذكره، ولكنهم قلما اقتصر الشاعر منهم في القصيدة الواحدة على باب واحد بل كانوا يمزجون مزجا يمل أحيانا، ولكنه يطرب أحيانا كثيرة ولا سيما في القصائد الطويلة التي لا بد من تفكيه سامعها بما يثنيه هنيهة عن مرمى الشاعر، وربما جمع شاعرهم بين الغزل والحكم والأمثال، والزهريات والفخر، والمدح في قصيدة واحدة وأطربك في كل ما قال لبلاغته، وطلاوة شعره وحسن تصرفه، وحسبك مثالا من ذلك قصيدة ابن الرومي المسماة حديقة الشعر، وهي التي مدح بها إسماعيل بن بلبك في ما ينيف على مئتي بيت ، فبينا تخاله مستهلا بزهرية، فيقول:

أجنت لك الوجد أغصان وكثبان

فيهن نوعان تفاح ورمان

Bog aan la aqoon