Ilaahay Wuxuu Gudbiyay Is-casilaadiisa Shirka Sare
الإله يقدم استقالته في اجتماع القمة
Noocyada
ولماذا لا نحضر هذا الاجتماع المغلق يا سيد رضوان؟ لماذا يكون كل الرسل والأنبياء من الرجال؟! أليس هناك امرأة واحدة تصلح أن تكون نبية؟! (تسري همهمة في القاعة بين الجمهور، يقف أحد التلاميذ يحمل آلة موسيقية قديمة، يبدو عليه بعض الشقاوة والذكاء.)
التلميذ :
ولم نسمع إبليس الذي هو أصل الشر في العالم. (يضحك التلاميذ، بعضهم يقول في نفس واحد، والتلميذ يدق على الآلة.)
المجموعة :
عاوزين نسمع إبليس! عاوزين نسمع إبليس! (يسود الهرج والمرج ويضحك الجمهور، ويتلفت حوله باحثا عن إبليس، سيدنا رضوان يدق بالمطرقة لإعادة الهدوء.) (يقف إبليس في يده الورقة التي كتب فيها استقالته، الكل ينصت والصمت يدب في القاعة.)
إبليس :
هذا الاجتماع تاريخي يا سيد رضوان، لأول مرة في التاريخ يستمع ربنا الأعلى إلى صوتنا، وكان لا يسمع إلا صوته، ولا يرى إلا نفسه، ولا يعبد إلا ذاته. إن عبادة الذات تستوجب المسئولية؛ لأن المسئولية لا تنفصل عن القوة، وإذا كان ربنا الأعلى هو الأقوى هو القوة العليا والجبروت الأعظم، فلا بد أن تكون مسئوليته هي الأكبر، هذا هو العدل والمنطق، فالعدل هو المنطق البسيط الواضح؛ ولأن ربنا الأعلى هو الحكمة العليا والعقل الأكبر، فلا بد يكون منطقه هو المنطق الأكثر عدلا والأكثر وضوحا، لابد لكلمة الله أن تكون أكثر عدلا وأكثر وضوحا من كلمة البشر، كلمتك يا سيدي التي جاءت في كتبك الثلاثة السماوية كانت قاصرة، كانت في حاجة إلى البشر ليفسروها للناس ، وكانت في حاجة إلى الترجمة، وقد تضاربت أقوالك في هذه الكتب الثلاثة، ولم تجعل الفضيلة الكبرى هي العدل أو المنطق، بل جعلتها عبادة ذاتك وعدم عبادة إله آخر، وأصبح الشرك بك هو الإثم الأعظم، وتقول في كتابك القرآن: ويغفر الله الذنوب جميعا إلا أن يشرك به، هكذا يا سيدي ضحيت بالعدل والمنطق، وحكمت على من لا يعبدك بالكفر والإلحاد وشرعت للناس قتله، وادعيت أنك تعرف كل شيء عن البشر وأنت لا تعرف عنهم شيئا، ولا تستطيع أن تتصل بهم مباشرة، وإلا ما أرسلت إليهم رسلا، وقد حاولت أن تخفي عجزك بالغموض والرمز أو التأثير على الناس بالمعجزات والسحر، لكن فرعون يا سيدي كان لديه من السحرة أكثر مما عندك، وعنده من الثعابين أكثر من ثعبان موسى، أما رسولك إبراهيم فأنت لم تثق في طاعته لك حتى ذبح ابنه، وكان يمكن أن تعرف ذلك دون حاجة إلى ذبح الابن البريء، لقد جعلت من إبراهيم نموذجا سيئا للآباء والأزواج، انهزمت الأبوة والإخلاص الزوجي في مواجهة الخوف منك، وكان يمكن أن تمتحن قلب إبراهيم بطريقة أخرى، تزيد من إنسانيته وأبوته وإخلاصه لزوجته وابنه، لكنك جعلت العبادة والطقوس الدينية فوق المبادئ الإنسانية العليا، صحيح أنك كنت تتراجع أحيانا، وتقول: لا إكراه في الدين، لكنك بصفة عامة وقفت ضد الفكر الحر والمعرفة، وفي كتابك التوراة احتكرت شجرة المعرفة لنفسك، صحيح أنك في القرآن تراجعت قليلا وأسقطت اسم الشجرة تماما، قلت عنها «الشجرة» بلا اسم، إلا أنك كنت ضد المعرفة والمنطق الواضح، وهناك اختلافات كثيرة بين كتبك الثلاثة، مما بلبل عقول الناس وقسمهم فرقا وطوائف ومذاهب يتقاتلون باسمك، كل منهم يحمل كتابا من كتبك وفي يده الأخرى السيف أو قنبلة أو مدفع رشاش، وأهم شيء يا سيدي أنك جعلتني في هذه الكتب الثلاثة عدو البشر والمسئول عن الشر في العالم، ولكن كيف أكون المسئول وأنت الذي تملك القوة والسلاح والمال والمعرفة والإعلام والسماوات والأرض؟! كان يمكنك يا سيدي بكل هذه القوة والجبروت أن تمنع هذا الدم المراق على أرض فلسطين، كان يمكنك أن تنزع السلاح النووي أو غير النووي من يد إسرائيل وأمريكا وروسيا وإنجلترا وفرنسا والصين. هذه الحكومات العسكرية النووية يا سيدي هي سبب الفساد في العالم، وليس أنا إبليس المسكين الذي لا يملك سيفا واحدا، ولم يحمل في يده سلاحا أي سلاح. ما ذنبي يا سيدي وما خطيئتي؟! أنني رفضت الركوع لآدم؟ كيف أركع لحاكم فاسد يا ربي؟ لقد اعترفت يا سيدي في كتابك أن آدم فاسد، ومع ذلك جعلته خليفتك في الأرض، ثارت الملائكة جميعا وليس أنا وحدي، وقالوا لك: أتجعل فيها من يفسد فيها ونحن نسبح بحمدك؟! اعترفت بذلك في القرآن، وإذا أصبح الفاسد خليفة أو حاكما فماذا يحدث؟ ألا يعم الفساد؟! وإذا سألناك لماذا تفعل ذلك تقول هذه هي إرادتي ومشيئتي وأنا حر. لكن الحرية مسئولية يا سيدي، وإن لم يكن الرب الأعلى مسئولا عن أفعاله فمن يكون؟! هؤلاء الذين يذبحون الشعوب البريئة في فلسطين أو غير فلسطين، ليسوا إلا سلالة الحكام الفاسدين ابتداء من آدم حتى اليوم، لقد أرسلت عيسى ابن مريم رسولا وابنا بارا، لكنه تعذب وقتل على الصليب، واعترفت بذلك في كتابك الإنجيل، لكنك أنكرت ذلك في كتابك القرآن، فهل وجدت أن مقتل رسولك هزيمة لك تشكك الناس فيك؟! إن الفساد أو الظلم يا سيدي يقود إلى فساد أو ظلم آخر، وقد تراكمت المظالم والمفاسد في العالم، حتى أغرقت الأرض بالحروب والدم. يا سيدي أنت جعلت القلة التي تملك السلاح والمال تتحكم في الأغلبية الساحقة من البشر التي لا تملك السلاح ولا المال. أنت جعلت الرجال الرجال يتحكمون في النساء، وشرعت لهم الخيانة، وفرضت على المرأة وحدها الإخلاص الزوجي. أنت يا سيدي شجعت الجهل والغموض، قاومت المعرفة، كل خطوة خطاها الإنسان نحو العلم كانت بالرغم منك، وكل حرب في التاريخ قامت باسمك، وكل من خالفك تهدده بالحرق في النار أو القتل. وبعد كل ذلك يا سيدي تطلب من الناس أن تحبك؟! لا يا سيدي؛ إن الحب والخوف لا يجتمعان في قلب واحد. وقد جئت اليوم ومعي استقالتي من منصبي، هذا المنصب أنت فرضته علي، كنت أنا الشماعة التي يطلق عليها الحكام الفاسدون جرائمهم، ابتداء من آدم حتى الملك فهد في السعودية أو بنيامين نتانياهو في إسرائيل. (يتقدم إبليس نحو عرش الرب الأعلى، ينحني بأدب شديد، يقدم له الورقة، ثم يستدير ويسير خارجا من القاعة.) (عيناه مملوءتان بالدموع، العيون ترمقه بذهول ورهبة، الصمت يدب في القاعة طويلا، الرب الأعلى يشير بيده إلى السيد رضوان، يأتي إليه أحد الجنود بنظارة النظر فوق صينية من الفضة أو الذهب، يرتديها الرب الأعلى فوق عينيه، لها شكل خاص غير نظارات البشر، يقرأ استقالة إبليس وهو صامت، ثم يلقي بها فوق الصينية التي يحملها الجندي خارج القاعة.) (يشير الرب الأعلى إلى السيد رضوان، يتهامسان قليلا، ثم يعود رضوان إلى مكانه.)
السيد رضوان :
انتهى هذا الاجتماع بأمر ربنا الأعلى. عليكم جميعا بالانصراف، إلا السادة الرسل والأنبياء، نرجو منهم البقاء، فسوف ينعقد اجتماع القمة المغلق بعد الاستراحة.
المشهد الثالث (اجتماع القمة يرأسه الرب الأعلى جالسا إلى عرشه العالي في المشهد السابق، الأنبياء والرسل جالسون على شكل نصف دائرة حول منضدة، السيد رضوان يدير الجلسة في يده المطرقة، إلى جواره كاتب الجلسة، الغرفة فخمة تشبه الغرف في القصور، يتدلى من السقف نجفة تشبه النجف في قصور الملوك والأباطرة.) (يرتفع الستار قبل أن يدخل الرب الأعلى إلى الاجتماع، كرسي العرش العالي خال منه، لكن الرسل والأنبياء جميعا حاضرون، الذين ذكرت أسماؤهم في الكتب السماوية الثلاثة، بالطبع هناك بعض الغائبين، إلا أن الرسل الأربعة الأساسيين موجودون، وهم إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد، جالسين بوقار ... يجلس في الوسط إبراهيم، عن يمينه موسى، عن يساره عيسى، ثم محمد يجلس إلى جوار عيسى.) (سيدنا عيسى وسيدنا محمد يتحدثان معا بصوت خافت.)
Bog aan la aqoon