الكتاب: الإكليل في استنباط التنزيل
المؤلف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: ٩١١هـ)
تحقيق: سيف الدين عبد القادر الكاتب
دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 10
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الكتاب
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب تبيانًا لكل شيء، وجعله شفاء لكل عي، وهدى من كل غي، والصلاة والسلام على محمد المبعوث من أشرف قبيلة وأكرم حي، وعلى آله وصحبه ما لجأ ظامئ لري.
وبعد: فقد قال الله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ .
وقال: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ .
وقال ﷺ: "ستكون فتن" قيل وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.
وقال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحق عن مرة عن ابن مسعود قال: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين. قال البيهقي أراد به أصول العلم. وقال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة: التوراة. والإنجيل. والزبور، والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان، ثم أودع علوم الفرقان المفصل، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب، فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي في الشعب.
وقال الإمام الشافعي، ﵁: جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع شرح السنة شرح للقرآن، وقال بعض السلف: ما سمعت حديثًا إلا التمست له آية من كتاب الله: وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله ﷺ على وجهه إلا وجدت
1 / 11
مصداقه في كتاب الله، أخرجه ابن أبي حاتم، وقال ابن مسعود: إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله، أخرجه ابن أبي حاتم. وقال ابن مسعود أيضًا: أنزل في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن، أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرج ابو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله لو أغفل شيئًا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة". وقال الشافعي أيضًا: جميع ما حكم به النبي ﷺ فهو مما فهمه من القرآن.
قلت ويؤيد هذا قوله ﷺ: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة. وقال الشافعي أيضًا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها فإن قيل: من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة، قلنا: ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول ﷺ وفرض علينا الأخذ بقوله.
وقال الشافعي مرة بمكة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله، فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ .
وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي ﷺ أنه قال: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"، وحدثنا سفيان عن معر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور.
1 / 12
وروى البخاري عن ابن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله، فقالت له امرأة في ذلك فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ وهو في كتاب الله؟ فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال لئن قرآتيه لقد وجدتيه أما قرأت ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
قالت بلى، قال فإنه قد نهى عنه.
وقال ابن برجان. ما قال النبي ﷺ من شيء فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد. فهمه من فهم، أو عمه عنه من عمه، وكذا كل ما حكم أو قضى به.
وقال غيره: ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله تعالى. حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي ﷺ ثلاثًا وستين من قوله في سورة المنافقين: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾
فإنها رأس ثلاث وستين سورة، وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
وقال المرسي: جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علمًا حقيقةً إلا المتكلم به، ثم رسول الله ﷺ، خلا ما استأثر به سبحانه، ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة، ومثل ابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله، ثم ورث عنهم التابعون بإحسان، ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضائل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه، فنوعوا علومه وقامت كل طائفة، بفن من فنونه فاعتنى قوم بضبط لغاته، وتحرير كلماته، ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه
1 / 13
وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند عشر كل آيات، إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه. ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال، والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال والازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى أن بعضهم أعرب مشكله، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظًا يدل على معنى واحد لفظًا يدل على معنيين ولفظًا يدل على أكثر، فاجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه، وخاضوا إلى ترجيح محتملات أحد ذي المعنيين والمعاني، وأعمل كل منهم فكره، وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواعد الأصلية والنظرية مثل قوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم. ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك، فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص. والإضمار، والنص، والظاهر، والمجمل، والمحكم، والمتشابه، والأمر، والنهي والنسخ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنًا وسموه بعلم الفروع، وبالفقه أيضًا.
وتلمحت طائفة ما فيه في من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء، وسموا ذلك بالتاريخ والقصص.
1 / 14
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال، والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال، وتكاد تدكدك الجبال، فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد، والتحذير والتبشير، وذكر الموت والمعاد، والنشر والحشر، والحساب والعقاب، والجنة والنار، فصولًا من المواعظ وأصولًا من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف من البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤية الشمس والقمر والنجوم ساجدات، وسموه تعبير الرؤيا. واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب، فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب، فإن عسر فمن الحكم والأمثال، ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: ﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ .
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك علم الفرائض، واستنبطوا منها ذكر النصف، والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول واستخرجوا منه أحكام الوصايا.
ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار. والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك، فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ، وبديع النظم. وحسن السياق والمبادي والمقاطيع والمخالص. والتلوين، في الخطاب والإطناب والإيجاز، وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان، والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقايق جعلوا لها أعلامًا اصطلحوا عليها مثل الفناء، والبقاء والحضور، والخوف، والهيبة والأنس، والوحشة، والقبض، والبسط، وما أشبه ذلك.
1 / 15
هذه الفنون التي أخدتها الملة الإسلامية منه، وقد احتوى على علوم أخر من علوم الأوائل مثل الطب، والجدل، والهيئة، والهندسة، والجبر والمقابلة، والنجامة، وغير ذلك.
أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة، واستحكام القوة، وذلك إنما يكون باعتدال المزاع تبعًا على الكيفيات المتضادة، وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله: ﴿وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ .
وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله: ﴿شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ .
ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب وشفاء الصدور.
وأما الهيئة ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض، وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة ففي قوله: ﴿انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ﴾
فإن فيه قاعدة هندسية وهو أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئًا كثيرًا، ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة فقد قيل إن أوائل السور ذكر مدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة، وأن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
1 / 16
وأما النجامة ففي قوله: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ﴾
فقد فسره ابن عباس بذلك.
وفيه من أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها، فمن الصنائع: الخياطة في قوله: ﴿وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ﴾ .
والحدادة في قوله تعالى ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ .
﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾
الآية والبناء في آيات والنجارة ﴿أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾
والغزل ﴿نَقَضَتْ غَزْلَهَا﴾
والنسيج ﴿كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ .
والفلاحة ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ﴾ .
في آيات أخر، والصيد في آيات، والغوص، ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ﴾ .
﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً﴾ .
والصياغة ﴿وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا﴾ .
والزجاجة ﴿صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ﴾ .
﴿الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ﴾
والفخارة ﴿فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ﴾ .
والملاحة ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ .
والكتابة ﴿عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾
في آيات أخر. والخبز، والطحن، ﴿أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ﴾ .
والطبخ ﴿بِعِجْلٍ
1 / 17
حَنِيذٍ﴾ .
والغسل، والقصارة، ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ .
﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ﴾
وهم القاصرون، والجزارة ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ .
والبيع والشراء في آيات كثيرة والصبغ ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ﴾ .
﴿جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ﴾ .
والحجارة ﴿وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا﴾ .
والكيالة، والوزن في آيات كثيرة، والرمي: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ .
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ .
وفيه من أسماء الآلات وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ .
انتهى، كلام المرسي ملخصًا مع زيادات.
قلت: قج اشتمل كتاب الله على كل شيء! أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها، وفيه على عجائب المخلوقات، وملكوت السموات والأرض، وما في الأفق الأعلى، وتحت الثرى، وبدء الخلق، وأسماء مشاهير الرسل والملائكة، وعيون أخبار الأمم السالفة، كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة، وفي الولد الذي سماه عبد الحارث، ورفع إدريس، وإغراق قوم نوح، وقصة عاد الأولى والثانية، وثمود، والناقة، وقوم لوط، وقوم شعيب الأولين، والاخرين، فإنه أرسل مرتين قوم تبع، ويونس، وإلياس، وأصحاب الرس، وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين، وتزوجه ابنة شعيب، وكلامه تعالى بجانب الطور، وبعثه إلى فرعون وخروجه واغراق عدوه، وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة، وقصة القتيل وذبح البقرة، وقصته في قتال الجبارين، وقصته مع الخضر، والقوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين، وقصة طالوت
1 / 18
وداود مع جالوت وقتلته، وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ، وفتنته، وقصة القوم الذين خرجوا فرارًا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم، وقصة إبراهيم في مجادلته قومه ومناظرته النمروذ، ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة، وبنائه البيت، وقصة الذبيح، وقصة يوسف وما أبسطها، وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه، وقصة زكريا وابنه يحي وأيوب وذي الكفل، وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبنائه السد، وقصة أصحاب الكهف، وقصة أصحاب الرقيم، وقصة بختنصر، وقصة الرجلي اللذين لأحدهما الجنة، وقصة أصحاب الجنة، وقصة مؤمن آل فرعون، وقصة أصحاب الفيل، وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء.
وفيه من شأن النبي ﷺ دعوة إبراهيم به وبشارة عيسى، وبعثه وهجرته ومن غزاوته بدر في سورة الأنفال، وأحُد في آل عمرن، وبدر الصغرى فيها، والخندق في الأحزاب، والنضير في الحشر، والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة، ونكاحه زينيب جحش وتحريم سريتهِ، وتظاهر أزواجه عليه، وقصة الإفك، وقصة الإسراء، وانشقاق القمر، وسحر اليهود إياه، وفيه بدء حلق الإنسان إلى موته، وكيفية الموت وقبض الروح، وما يفعل بها بعد صعوجها إلى السماء، وفتح الباب للمؤمنة والقاء الكافرة، وعذاب القبر والسؤال فيه، ومقر الأرواح، وأشراط الساعة الكبرى العشرة، وهي زول عيسى، وخروج الدجال، ويأجوج ومأجوج، والدابة، والدخان، ورفع القرآن، وطلوع الشمس من مغربها، وغلق باب التوبة، والخسف، وأحوال البعث من نفخة الصور والفزع والصعق والقيام، والحشر، والنشر، وأهوال الموقف، وشدة حر الشمس، وظل العرش، والصراط، والميزان، والحوض، والحساب لقوم ونجاة آخرين منه، وشهادة الأعضتء، وإتيان الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهور، والشفاعة، والجنة وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والأثمار والحلى والألوان والدرجات، ورؤيته تعالى، والنار وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وألوان العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك، مما لو بسط جاء في مجلدات.
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد فد حديث، وفيه من أسمائه مطلقًا ألف اسم، وفيه من أسماء النبي ﷺ جملة، وفيه شعب الإيمان البضع والسبعون، وفيه شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمس عشرة، وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر، وفيه تصديق
1 / 19
كل حديث ورد عن النبي ﷺ.
هذه جملة القول في ذلك هذا وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وقد ألفت في جملة من أنواعه كأسباب النزول، والمعرب والمبهمات، وغير ذلك، وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره، وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبًا كالقاضي إسماعيل وبكر بن العلاء وأبي بكر الرازي والكيا الهواسي وأبي بكر بن العربي وعبد المنعم بن الفرس، وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد، وجمع فأبدع غير أنها محشوة بالحشو والتطويل مشحونة بالاستطراد إلى أقوال المخالف والدليل، ومع ما فاتها من الاستباطات العلية، والاستخراجات الخفية.
فعزمت على وضع كتاب في ذلك مهذب المقاصد، محرر المسالك، أورد فيه كل ما استبط منه أو أستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصلية أو اعتقادية، وبعضًا مما سوى ذلك، مقرونا بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستباط عليه معزوًا إلى قائله من الصحابة والتابعين، مخرجًا من كتاب ناقلة من ا [لأئمة المعتبرين فاشدد بهذا الكتاب يديك، وعض عليه بناجذيك، ولا يحملنك على استحقاره صغر حجمه، فمن نظر إليه بقلب سليم بان له غزارة علمه.
وسميته بـ (الإكليل في استباط التنزيل) وعلى الله توكلت فهو حسبي ونعم الوكيل.
1 / 20
مقدمة
قال الغزالي وغيره: آيات الأحكام خمسمائة آية، وقال بعضهم مائة وخمسون، وقيل لعل مرادهم المصرح به فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام. قال اشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب الإمام: إنما ضرب الله الأمثال في كتابه تذكيرًا ووعظًا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل أو على مدح أو ذم أو نحوه فإنه يدل على الأحكام، ثم قال: ومعظم أي القرآن لا تخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة، ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام، ومنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط إما بلا ضم إلى آية أخرى كاستنباط تحريم الاستمناء من قوله: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾
إلى قوله: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ الآية. وصحة أنكحة الكفار من قوله: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ .
وصحة صوم الجنب من قوله: ﴿فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ﴾
إلى قوله: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ﴾
ألاية. وإما به كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ .
مع قوله: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ .
قال الشيخ عز الدين: ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهو ظاهر وترة بالإخبار مثل ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾ .
﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ .
و﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ .
وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر أو نفع أو ضر.
1 / 21
وقد نوع الشارع ذلك أنواعًا كثيرة ترغيبًا للعباد، وترهيبًا وتقريبًا إلى أفهامهم فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله، أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن فاعله، أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب أو أقسم به أو بفاعله كالأقسام بالشفع والوتر وبخيل المجاهدين، وبالنفس اللوامة. أو نصبه سببًا لذكره اعبده أو لمحبته أو للثواب عاجلًا أو آجلًا، أو لشكره له أو لهدايته إياه، أو لإرضاء فاعله أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيئآته، أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارته، أو وصف فاعله بالطيب أو وصف الفعل بكونه معروفًا، أو نفي الحزن أو الخوف عن فاعله، أو وعده بالأمن أو نصبه سببًا لولايته، أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله أو وصفه بكون قربه، أو بصفة مدح كالحياة والنور والشفاء، فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب.
وكل فعل طلب الشارع تركه، أو ذمه أو ذم فاعله أو عتب عليه، أو مقت فاعله أو لعنه أو نفي محبته أو محبة فاعله أو الرضا به أو عن فاعله، أو شبه فاعله بالبهائم أو بالشياطين، أو جعله مانعًا من الهدى أو القبول أو وصفه بسوء أو كراهة، أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه، أو جعله سببًا لتفي الفلاح، أو لعذاب آجل أو عاجل، أو لذم أو لوم أو ضلالة أو معصية، أو وصف بخيث أو رجس أو نجس، أو بكونه فسقًا أو إثمًا أو سببًا لإثم أو رجس، أو لعن أو غضب أو زوال نعمة أو حلول نقمة أو حد من الحدود أو قسوة أوخزي أو ارتهان نفي، أو لعداوة الله ومحاربته أز لاستهزائه أو سخريته، أو جعله اللهه سببًا لنسيانه فاعله، أو وصف نفسه بالصبر عليه أو بالحلم أو بالصفح عنه أو دعا إلى التوبة منه أو وصف فاعله بخبث أو احتقار أو نسبه إلى عمل الشيطان أو تزيينه أو تولي الشيطان لفاعله، أو وصف بصفة ذم ككونه ظلمًا أو بغيًا، أو عدونًا، أو إثمًا، أو مرضًا، أو تبرأ الأنبياء منه أو من فاعله أو شكوا إلى الله من فعله أو جاهروا فاعله بالعداوة أو نهوا عن الآسى والحزن عليه، أو نصب سببًا لخيبه فاعله عاجلًا أو آجلًا، أو رتب عليه حرمان الجنة وما فيها، أ، نصب فاعله بأنه عدو الله أو بأن الله عدوه، أو أعلم بحرب من الله ورسوله، أو حمل فاعله إثم غيره، أو قيل فيه لا ينبغي هذا. أو لا يكون، أو أمر بالتقوى عن السؤال عنه، أو أمر بفعل مضاده، أو بهجر فاعله، أو تلاعن فاعلوه في الآخرة، أو تبرأ بعضهم من بعض، أو دعا بعضهم على بعض، أو وصف فاعله بالضلالة، أو انه ليس من الله في شيء، أو ليس من الرسول وأصحابه. أو جعل اجتنابه سببًا للفلاح، أو جعله سببًا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، أو قيل هل أنت منته، أو نهى الانبياء عن الدعاء لفاعله أو
1 / 22
رتب عليه إبعادًا أو طردًا أو لفظه، قتل من فعله، أو قاتله الله، أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه ولا يصلح عمله ولا يهدي كيده أو لا يفلح، أو قيض له الشيطان أو جعل سببًا لإزاغة قلب فاعله أو صرفه عن آيات الله وسؤاله عن علة القعل، فهو دليل المنع ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة.
وتستفاد الإباحة من لفظ الإحرل ونفي الجناح والحرام والإثم والمؤاخذة، ومن الإذن فيه والعفو عنه ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع. ومن السكوت عن التحريم، ومن الإنكار على من حرم الشيء، ومن الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا، والاخبار عن فعل من قبلنا غير ذام لهم عليه، فإن اقترن بالإخبار مدح دل على مشروعيته وجوابًا أو استحبابًا. انتهى.
1 / 23
-١-
سورة فاتحة الكتاب
٢- قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ .
فيه إثبات الصانع وحدوث العالم واستدل بالافتتاح بها من قال أنها أبلغ صيغ الحمد خلافًا لمن ادعى أن الجملة الفعليه أبلغ، قال البلقيني: اجل صيغ الحمد: الحمد لله رب العالمين. لأنها فاتحة الكتاب وخاتمة دعوى اهل الجنة فتتعين في بر: ليحمدن الله بأجل التحاميد، خلافًا لما في "الروضة" وأصلها عن المتولي: أن أجلها الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويكافي مزيده.
٣- قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
فيه اثبات الصفات الذاتية.
٤- قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾
فيه اثبات المعاد.
٥- قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾
فيه الإرشاد إلى تقديم الخضوع والتذلل على طلب الحاجة. قال أبو طالب الثعلبي في تفسيره: وقد جمع في هذه الآية إبطال الجبر والقدر معًا لأنه وصف عباجة بأنهم يعبدون فأثبت لهم كسبًا وعلمهم الاستعانة ولو كان العبد مستطيعًا قبل الإعانة لما احتاج إلى الاستعانة فنفى عنهم القدرة فهو كقوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾
نفى الخلق وأثبت الكسب، قال وسائر آيات السور على مناقضة قواعد المعتزلة لأنه بدأ بالتسمية وان جعل الاسم زائدًا فمعناه: بالله كانت الكائنات أولًا، لأن العبد إذا كان خالقًا لكسبه مستطيعًا له لم يكن للاستعانة بالاسم معنى ثم عليهم حمده ةقد قبح سيرة من أحب أن يحمد بما لم يفعل، فدل على أنه الفعال لكل شيء، ثم أمرهم بالاستعانة وسؤال الهداية، وعلى زعمهم لا حاجة إليها وإلى الهدى لأنه قد هداهم بالدعوة وبيان الأدلة وليس الهدى على زعمهم خلق المعرفة، ففاتحة الكتاب شاهدة عليهم. وقال القاضي البيضاوي: الضمير المستكن في نعبد ونستعين
1 / 25
للقارئ ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط بحاجتهم لعلها تقبل ويجاب إليها، ولهذا شرعت الجماعة.
٧- قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾
فيه الإشارة إلى الاقتداء بالسلف الصالح.
1 / 26
-٢-
سورة البقرة
٣- قوله تعالى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾
قال الرازي: يتضمن الأمر بالصلاة والزكاة.
٨- قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ﴾
الآية: قال الرازي: يدل على أن الايمان ليس هو الإقرار دون الاعتقاد لأن الله قد أخبر عن إقرارهم بالإيمان ونفى عنهم اسمه بقوله ﴿وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾
قال هو وغيره يحتج بهذه الآيات وأشباهها على استتابة الزنديق الذي ظهر منه الكفر لأنه تعالى أخبر عنهم بذلك ولم يأمر بقتلهم، ومعلوم أن نزول هذه الآيات بعد فرض القتال.
٢٢- قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾
إلى قوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾
فيه دلالة على الأمر باستعمال حجج العقول وإبطال التقليد. قال محمود بن حمزة الكرماني: استدل أكثر المفسرين بالآية على شكل الأرض بسيط ليس بكروي.
٢٩- قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾
استدل به على أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه.
٢٣- قوله تعالى: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾
استدل به من قال: إنه لا يتعلق الإعجاز بأقل من سورة، ورد به على من قال من المعتزلة بأنه يتعلق بجميع القرآن.
قوله تعالى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾
استدل به على أن النار مخلوقة الآن.
٢٦- قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ الآية.
فيه دلالة لمذهب أهل السنة أن الهدى والضلالة من الله.
٣٠- قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾ الآية.
فيه إرشاد عباده إلى المشاورة وأن الحكمة تقتضي إيجاد ما يغلب خيره وإن كان فيه نوع شر وانه لا رأي مع وجود النص وهو أصل في المسائل التعبدية.
1 / 27
٣١- قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾
أستدل به من قال إن اللغات توقيفية. وضعها الله بالوحي وعلمها.
٣٣- قوله تعالى: ﴿قَالَ يَا آدَمُ﴾
استدل به ﷺ على أن آدم مكلم. روى أحمد وغيره عن أبي أمامة: أن أبا ذر قال يا نبي الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم"، قال: أول نبيًا كان آدم؟ قال نعم مكلم، خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال يا آدم قيلا وفي بقية الآية دليل على مزية العلم وأنه شرط في الخلافة وفضل آدم على الملائكة قال الإمام: لمتا أراد الله إظهار فضل آدم لم يظهره إلا بالعلم فلو كان في الإمكان شيء أفضل من الهعلم كان إظهار فضله بذلك الشيء لا بالعلم وكذلك أمر الملائكة بالسجود له لأجل فضلية العلم.
قلت: ويؤخذ من هذا استحباب القيام للعالم. وقال الطيبي: أفادت هذه الآية أن على اللغة فوق التحلي بالعبادة فكيف علم الشريعة.
٣٤- قوله: ﴿أَبَى﴾
رد على الجبرية إذ لا يوصف بالإباء من هو غير قادر على المطلوب.
٣٥- قوله: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾
إلى آخر القصة فيها دلالة على أن الجنة مخلوقة الآن. قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾
قال ابم الفرس هذا أًصل جيد في سد لبذرائع لأنه تعالى لما أراد النهي عن الأكل منها نهى عنه بلفظ يقتضي الأكل وما يدعو إليه وهو القرب.
٤٠- قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾
يستدل به على دخول اولاد الأولاد في الوقف على الأولاد. قوله تعالى: ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ﴾ الآية.
قال ابن الفرس فيه دليل على أن الله على الكفار نعمة خلافًا لمن قال لا نعمة لله عليه وإنما النعمة على المؤمنين.
٤٣- قوله تعالى: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾
قالر الرازي: يفيد إثبات فرض الركوع في الصلاة.
٤٥- قوله تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾
فيه استحباب الصلاة عند المصيبة وأنها تعين صاحبها، أخرج سعيد بن منصور وغيره عن ابن عباس أنه كان في
1 / 28
مسير فنعى إليه ابن له فنزل فصلى ركعتين ثم استرجع وقال فعلنا كما أمرنا الله: واستعينوا بالصبر والصلاة.
٤٧- قوله تعالى: ﴿وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾
قال ابن الفرس فيه ورود العام المراد به الخصوص لأن المراد عالم زمانهم.
٥٠- قوله تعالى: ﴿فَأَنْجَيْنَاكُمْ﴾
الآيات في العجائب للكرماني استدل بها بعض من يقول بالتناسخ وقالوا: إن القوم كانوا هم بأعيانهم فلما تطاولت عليهم مدة التلاشي والبلى نسوا فذكوا، قال وهذا وجهل بكلام العرب فإن العرب تخاطب بمثل هذا وتعني الجد الأعلى والأب الأبعد.
٥٧- قزله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا﴾
استدل به على أن الضيف لا يملك ما قدم له وأنه لن يتصرف فيه إلا بإذن، ذكره صاحب التحرير.
٥٩- قوله تعالى: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ﴾
قال الكيا: يدل على أنه لايجوز تغيير الأقوال المنصوص عليها وأنه يتعين اتباعها، وقال الرازي: يحتج به فيما ورد من التوقيف في الأذكار والأقوال وأنه غير جائز تغييرها، وربما احتج به علينا المخالف في تجويز تحريمه الصلاة بلفظ التعظيم والتسبيح، وفي تجويز القراءة بالفارسية وفي تجويز النكاح بلفظ الهبة وما جرى مجرى ذلك.
٦٧- قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾
إلى آخر القصة فيها أحكام.
الأول استدل بقوله ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً﴾
ان الآمر لا يدخل في عموم الأمر فإن موسى لم يدخل في عموم الأمر بدليل قوله ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾
ولا يظن بموسى ذلك ذكره الزركشي في شرح جمع الجوامع.
الثاني استدل به بكر بن العلاء على أن السنة في البقرة الذبح.
الثالث استدل به على جواز ورود الأمر مجملًا وتأخير بيانه.
الرابع استدل بقوله: ﴿لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ﴾
وبقوله: ﴿مُسَلَّمَةٌ﴾
على جواز الاجتهاد واستعمال غالب الظن في الأحكام لأن ذلك لا يعلم إلا من الاجتهاد.
1 / 29
الخامس استدل على أن المستهزئ يستحق سمة الجهل، ذكر محمد بن مسعود أن عبيد الله بن الحسن العنبير القاضي مازحه فقال له: لا تجهل، قال: وأنى وجدت المزاح جهلًا فنلا عليه: ﴿أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ .
السادس فيها الإرشاد إلى الاستثناء في الأمور في قوله: ﴿وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ .
السابع فيها دليل لأهل السنة على المعتزلة لأن الأمر لا يستلزم المشيئة، قاله الماتري.
الثامن استدل بالآية على حصر الحيوان بالوصف وجواز السلم فيه.
التاسع قال المهدوي: في قوله: ﴿فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ﴾
دليل على أن الأمر على الفور، قال ابن الفرس ويدل على ذلك أنه استقصرهم حين لم يبادروا إلى فعل ما أمرهم به وقال فذبحوها وما كادوا يفعلون.
٧٩- قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ﴾
الآية استدل به النخعي على كراهة كتابة المصاحف بالأجرة.
٨١- قوله تعالى: ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾
استدل به على أن المعلق على شرطين لا يتنجز بأحدهما.
١٠٢- قوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ الآية.
استدل بها على أن السحر كفر حيث قال: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ .
وقال ﴿إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾
قال بكر بن العلاء وفي الآية أن الساحر يقتل، ووجهه أنه قال: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾
أي باعوا أنفسهم للقتل بالسحر الذي فعلوه كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ - إلى أن قال - فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ﴾ .
١٠٤- قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾
قال ابن الفرس استدل بها على سد الذرائع في الأحكام، لأن المؤمنين منعوا من وقول: راعنا له صلي الله عليه وسلم لئلا يجد اليهود بذلك السبيل إلى سبه.
١٠٦- قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾
فيها وقوع
1 / 30