وأيضا فلم يقل: ذكر الاستواء في القرآن ولا إخبار الله بالاستواء؛ وإنما قال: الاستواء معلوم. فأخبر عن الاسم المفرد أنه معلوم لم يخبر عن الجملة. وأيضا فإنه قال: " والكيف مجهول " ولو أراد ذلك لقال معنى الاستواء مجهول أو تفسير الاستواء مجهول أو بيان الاستواء غير معلوم فلم ينف إلا العلم بكيفية الاستواء لا العلم بنفس الاستواء.
وهذا شأن جميع ما وصف الله به نفسه لو قال في قوله: ﴿إنني معكما أسمع وأرى﴾ كيف يسمع وكيف يرى؟ لقلنا: السمع والرؤيا معلوم والكيف مجهول ولو قال: كيف كلم موسى تكليما؟ لقلنا: التكليم معلوم والكيف غير معلوم. وأيضا فإن من قال هذا من أصحابنا وغيرهم من أهل السنة: يقرون بأن الله فوق العرش حقيقة وأن ذاته فوق ذات العرش لا ينكرون معنى الاستواء ولا يرون هذا من المتشابه الذي لا يعلم معناه بالكلية. ثم السلف متفقون على تفسيره بما هو مذهب أهل السنة. قال بعضهم: ارتفع على العرش علا على العرش. وقال بعضهم عبارات أخرى وهذه ثابتة عن السلف قد ذكر البخاري في صحيحه بعضها في آخر كتاب " الرد على الجهمية ". وأما التأويلات المحرفة مثل استولى وغير ذلك فهي من التأويلات المبتدعة لما ظهرت الجهمية. وأيضا قد ثبت أن اتباع
1 / 49