بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الجزء الثاني من الاختيارين
اختيار المفضل الضبي وعبد الملك بن قريب، المعروف بالأصمعي، من أشعار فصحاء العرب في الجاهلية والإسلام، مما روي عن مشايخ أهل اللغة الموثوق بروايتهم.
Bog aan la aqoon
١ قال طفيل بن عوف
ابن خلف بن ضبيس بن مالك بن سعد بن عوف بن كعب بن جلان بن كعب بن غنم بن غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان ابن مضر. واسم غني: عمرو. واسم أعصر: منبه. وإنما عصره بيت، قاله:
أعمير، إن أباك غير رأسه ... مر الليالي، واختلاف الأعصر
فسمي بهذا البيت أعصرًا.
وإنما قال طفيل هذه القصية في غارة، كان أغارها على طيئ، فنال منها، وقتل، وأسر. وهذه القصيدة من أجود شعره.
1 / 1
١ ... بالعقر دار، من خميلة، هيجت
سوالف حب، في فؤادك، منصب
"العقر": بالعالية، في بلاد قيس. "سوالف" أي: سوابق سبقت، بحبها، وتقدمت. وكل متقدم: سلف. وهم السلاف. ومنه سميت سلافة الشراب، لأول ما يسيل منه. "منصب": متعب. والنصب: التعب.
فيقول: هيجت حبًا، قد كان، ثم انقطع، فذهب.
٢ ... وكنت، إذا ناءت بها غربة النوى،
شديد القوى، لم تدر: ما قول مشغب؟
أراد "نأت" فقلب، ومعناه: بعدت عنك. يقال: نأيت عنه نأيًا، ونأيته نأيًا. ويقال "نوًى غربة" إذا كانت بعيدة وكل إبعادٍ: اغترابٌ. ومنه يقال: اغرب، أي: ابعد. ومنه شأوٌ مغرب أي مبعدٌ. و"النوى" والنية: الوجه الذي تنويه، وتريده. ونويك: الذي نيته مثل نيتك. "شديد القوى": أي: يشتد عزاؤك عنها، ولا يضعف. وأصل القوى: طاقات الحبل. واحدتها: قوةٌ. ويقال: قد أقويت حبلك، إذا اختلفت قواه، فكان بعضها أغلظ من بعض. ومنه الإقواء في الشعر،
1 / 2
وهو: اختلاف قوافيه بالرفع والخفض. "مشغب" أي: ذو شغب عليك، وخلافٍ. ويروى: "مشعب" أي: لم تدر ما قول من يشعبك عنها، فيصرفك، ويباعدك. وظبي أشعب إذا كان بعيد ما بين القرنين.
٣ ... كريمة حر الوجه، لم تدع هالكًا
من القوم، هلكًا في غد، غير معقب
"حر الوجه": أكرم موضع فيه. ومنه حر الفاكهة. ومنه قول الأعشى:
فتناولت قيسًا، بحر بلاده
أي بأكرم بلاده.
فيقول: لم تدع هالكًا، هلك هلكًا، غير معقب في غد، أي: لم تندب من لا يخلفه غيره، إذا هلك، لأنها في عداد قومٍ يخلف بعضهم بعضًا. ومعنى "في غد" فيما بقي. "غير معقب": لم يدع عقبًا مثله.
1 / 3
٤ ... أسيلة مجرى الدمع، خمصانة الحشى
برود الثنايا، ذات خلق، مشرعبِ
"أسيلة" أي: سهلة الخدين. يقال: أسل يأسل أسلًا، وأسالةً. "خمصانة": طاوية، خميصة. وهو الخَمْصُ والخُمْصُ. و"الحشى": ما بين آخر الأضلاع إلى الورك. والتثنية حشيان. وقال أبو زيد: حشوان. "مشرعب" يقال لكل خلق طويل منصب: مشرعب. ويقال لبرودٍ، فيها خطوط طوال: شرعبية.
٥ ... ترى العين ما تهوى، وفيها زيادة
من اليمن، إذا تبدو، وملهًى لملعبِ
أي: ترى العين ما تشتهي العين أن تراه، وفيها زيادةٌ، على ما تراه فيها. "من اليمن" يعني: يمن الطائر. و"الملعب" ههنا: اللعب. قال: وهو مثل قول الراعي:
بنيت مرافقهن، فوق مزلة ... لا يستطيع بها، القراد مقيلا
أي: قائلةً، لأنها ملساء، لا يدب بها. فيقول: فيها ملهًى لمن أراد اللهو واللعب.
٦ ... وبيت، تهب الريح في حجراته
بأرضٍ، فضاء، بابه لم يحجب
1 / 4
يعني: أبرادًا، خلها وعمدها بالقنا والقسي، واستظل بها. يقال: هبت الريح تهب هبوبًا. وهب من نومه يهب هبابًا. و"الفضاء": الواسعة. و"الحجرات": النواحي. الواحدة: حجرة. ومثلٌ من الأمثال: "يأكل وسطًا، ويربض حجرة" للذي يصيب المهنأ، ويتباعد عن الشر.
٧ ... سماوته أسمال بردٍ، محبرٍ
وصهوته من أتحمي، معصب
"سماوته": أعلاه كله. وكذلك سماؤه. و"الأسمال": الأخلاق. واحدها: سملٌ. وقد أسمل الثوب إسمالًا إذا خلق. "محبر": موشى. والتحبير: التحسين. و"صهوته" أراد وسطه. وهذا مثل صهوة الدابة، وهو موضع اللبد منها. "أتحمي": ضرب من البرود. "معصب": من عصب اليمن.
٨ ... وأطنابه أرسان جرد، كأنها
صدور القنا، من بادئٍ، ومعقبِ
"الأطناب": الحبال التي يشد بها الخباء إلى الأوتاد. و"جرد" قصار الشعرة. وطول الشعرة هجنةٌ. "كأنها" يعني: الخيل. "صدور القنا" في ضمرها، وصلابتها. وإذا كان كالصدر فهو كالقناة كلها. يقال: جاء
1 / 5
فلانٌ على صدر راحلته، أي على راحلته. وقال الأصمعي مرة أخرى: أراد: إشرافها، وأنشد للشماخ:
مسببةٌ، قب البطون كأنها ... رماحٌ، نحاها وجهة الريح راكزُ
ذكر أنها مسببة، يقال: قاتلها الله وأخزاها الله، تعجبًا. و"البادئ": الذي غزا أول غزوة. و"المعقب": الذي يغزى عليه غزوةً بعد أخرى. وأنشد لأعشى باهلة:
سما، للبون الجارمي، سميدعٌ ... إذا لم ينل، في أول الغزو، عقبا
أي: غزا ثانية. ويقال: صلى فلانٌ في أول الليل، ثم عقب في صلاته.
٩ ... نصبت على قومٍ، تدر رماحهم
عروق الأعادي، من غريرٍ، وأشيب
أي: نصبت هذا البيت. وقوله: "تدر رماحهم": أي: تدر الدم، كما يخرج المدر اللبن. وأصل "الغرارة": قلة الفطنة والتجربة. فيقول: تقتل "الأشيب" المجرب والمحرس، و"الغدير" الذي لا تجربة له.
1 / 6
١٠ ... وفينا ترى الطولى، وكل سميدع
مدرب حربٍ، وابن كل مدربِ
"الطولى": العظمى من الأمور، التي هي أطول وأشرف. يقال: الطولى من الخصال في آل فلان، أي: العظام، الشريفة. و"السميدع": السهل الخلق الموطأ الأكناف. "مدرب" أي: وقحته الحرب، وحرسته، حتى درب. وأصل الدرابة: الضراوة وهي الدربة أيضًا.
١١ ... طويل نجاد السيف، لم يرضَ خطة
من الخسف، ورادٍ إلى الموت، صقعبِ
"طويل نجاد السيف" أراد: أنه طويل الجسم. وإذا كان كذلك لم يكن نجاده إلا طويلًا. و"النجاد": حمائل السيف. ويقال: إنه لغمرُ الرداء، إذا كان واسع المعروف. قال كثير:
غمر الرداء، إذا تبسم، ضاحكًا ... غلقت، لضحكته، رقاب المال
ويقال: ناقةٌ شديدة جفن العين، إذا كانت قليلة النوم، وإن كانت مسترخية الجفون. ويقال: فرس طرب العنان، إذا كان رشيقًا، خفيفًا.
1 / 7
و"الخسف": الضيم، وهو في البهائم أن تحبس على غير علف. و"الصقعب": الجسيم الطويل.
١٢ ... تبيت كعقبان الشريف رجاله
إذا ما نووا إحداث أمر معطبِ
"رجاله": رجالته. قوم رجل، ورجال ورجالى، ورجالى. وقوله "كعقبان الشريف" شبههم بعقبان الشريف حرصًا على الغارة. وقد سألت العرب عن "الشريف" فقالوا: التسرير وادٍ بنجد. فما كان يلي المشرق منه فهو الشريف، وما كان يلي المغرب فهو الشرف. والشرف: كبد نجد. و"إحداث": مصدر أحدث. ويروى: "أحداث" بالفتح، وهو جمع حدثٍ. "معطب": ذو عطبٍ، وهو الهلاك. ويروى "تبث" أي: تفرق.
١٣ ... وفينا رباط الخيل، كل مطهمٍ
رجيل، كسرحان الغضى، المتأوبِ
يقال: في آل فلان رباطٌ، أي: أصل خيلٍ، مرتبطةٍ بنجد. ويقال: هذا من رباط آل فلانٍ، أي: من أصل خيلهم. و"المطهم":
1 / 8
الذي يحسن كل شيء منه، على حدته. و"الرجيل": الشديد الحافر. قال الغنوي: وذكر امرأةً:
أنى سريتِ، وكنت غير رجيلةٍ؟ ... شهدت عليكِ، بما فعلت، شهود
و"السرحان": الذئب. وجمعه سراحين. وقال: ذئب "الغضى" أخبث من غيره، لأنه خمر، يستخفي بالشجر. يقال: أخبث الذئاب ذئب الغضى، وأخبث الأفاعي أفاعي الحدب، وأخبث الحيات حيات الحماط، وأسرع الظباء تيس الحلب، واسرع الأرانب أرانب الخُلة، لأنها تطويها وتضمرها. والحمض يفتقها، وأشد الناس الأعجف الضخم، وأجمل النساء الضخمة الأسيلة، وأقبحهن الجهمة القفرة، وهي القليلة اللحم، وأغلظ المواطئ الحصا على الصفا. و"المتأوب": الذي يأتي أهله ليلًا. فأراد: كسرحانٍ يتأوب. فذاك أشد لعدوه، ومضيه.
١٤ ... يذيق الذي يعلو على ظهر متنه،
ظلال خذاريفٍ، من الشد، ملهب
"يذيق: أي: يوجد مس عدوٍ، وطعم عدو. كقولك للرجل: لأذيقنك ما يسوءك. "ظلال خذاريف": ظلال خذرفةٍ. والخذرفة: مرٌ
1 / 9
سريع. تخذرف إذا أسرع. وظلاله هو بعينه. يقال: فلان في ظل عيش. وفسر مرة أخرى فقال: هذا مثلٌ. وهو جري سريعٌ، كأنه مر الخذروف. والخذروف: الخرارة، التي يلعب بها الصبيان. ويقال للرجل، وللدابة، إذا شد العدو: قد أهذب، و"ألهب".
١٥ ... وجرداء ممراحٍ، نبيلٍ حزامها
طروحٍ، كعود النبعة، المتنخب.
"جرداء": قصيرة الشعرة. وذلك من كرم الفرس وعتقها. وطول الشعرة هجنةٌ. وقوله" نبيل حزامها" أي: هي عظيمة الوسط. وهو كقولك: إن فلانًا لعفيف الإزار، تريد: عفيف الفرج. وتقول العرب: فداءٌ لك رجلايَ، وفداء لك ثوبايَ، كقولهم: أنا أفديك. وأنشد للراعي:
ولله ثوبا حبترٍ، أيما فتى
يريد: لله ما ضم ثوبا حبترٍ. وقوله: "طروح" أي: شديدة النفح برجليها. وذلك من شدة نساها. وإذا كان عيفًا لم يفعل ذلك. ويقال: قوسٌ طروحٌ، وهي البعيدة القذف للسهم. قال أبو النجم:
1 / 10
أنحى شمالًا همزى، نضوحًا ... وهتفي، معطيةً، طروحا
ومنه قولهم: يدعوه الربيع المطرح. وقوله: "كعود" يعني قوسًا بصلابتها. و"المنتخب": الذي انتخب من القسي، أي: اختير. ويروى: "المنتجب" وهو الذي نزع نجبه، أي قشره.
١٦ ... تنيف، إذا اقورت من القود وانطوت،
بهادٍ رفيعٍ، يقهر الخيل، صلهبِ
"تنيف": تشرف. قصر منيفٌ أي: متشرف. ويقال للمرأة الجسيمة، والناقة: نيافٌ. ويقال للسنام: نوف، لإشرافه. ومنه: ألفٌ ونيف أي: شيء يشرف على الألف. قال ابن الرقاع:
ولدت، برابيةٍ، رأسها ... على كل رابيةٍ، نيفُ
و"الاقورار": الضمر، وتغير السبر. والسبر: الحال التي تظهر، من الطلاوة والحسن. وليس كل منطوٍ مقورًا. قد ينطوي، وهو حسن. "بهادٍ" أي: بعنق. "يقهر": يعلو على الخيل. "صلهب": طويل، جسيم. فيقول: تمد أعناقها، ويطويها القود، ويكسرها.
١٧ ... وعوجٍ، كأحناء السراء، مطت بها
مطارد، تهديها أسنة قعضب
"عوج" معطوفة على قوله "بهاد ... صلهب" وعوج. والمعنى:
1 / 11
ولها عوج، يعني: ضلوعها. وكل عود معطوف: "حنوٌ". و"السراء": شجر باليمن، تعمل منه القسيُّ. "مطت": مدت. والمطو: المد. يقال: مطا يومه وليلته، أي: مد في السير. وسمي المطي مطيًا، لأنه يمد به في السير. وقوله: "مطارد": أعناق، طوال، كأنها رماح. والمطارد كناية عن الأعناق. فيريد: كأن أعناقها رماح. "تهديها أسنة" أي: تقدمها، وتكون هوادي لها. و"قعضبٌ": قين كان بأضاخ، جاهلي. وقال طرفة فشبه الأضلاع بالقسي:
كأن كناسي ضالةٍ يكنفانها ... وأطر قسيٍّ، تحت صلب، مؤيدِ
ويقال: "عوج": مهازيل، من الغزو. "مطت بها مطارد" أي: مدت بها في السير، لأنها تباري الرماح، كما قال:
يباري شباة الرمح خدٌّ، مذلق
وقال الآخر:
تباري مراخيها الزجاج، كأنها
1 / 12
١٨ ... إذا قيل: نهنهها، وقد جد جدها
ترامت، كخذروف الوليد، المثقبِ
يقول: إذا ذهب يكفها "ترامت" أي: تتابعت في الجري. و"الخذروف": الخرارة.
١٩ ... قبائل، من فرعَيْ غنيٍّ، توهقت
بها الخيل، لا عُزلٍ، ولا متأشِّب
"تواهقت": تسايرت. والمواهقة: أن تسير الدابة بحذاء الدابة، إن رفعت رفعت، وإن وضعت وضعت. وهي المواغدة في السير. وقد تكون المواهقة في السقي. و"العُزْل": الذين لا سلاح لهم. واحدهم: أعزل. قال أبو عبيدة: لو كانت معه خشبة ما كان أعزل. ويقال أيضًا في الجميع: عزلان. ويقال: رجل معزال، إذا كان لا يكاد يحمل السلاح. وقوله: "ولا متأشب" أي: لا خلط فيهم، من غيرهم. قال: والأشابة - وجمعها أشائب - الأخلاط. ويقال: أشبهم يأشبهم أشبًا، إذا خلط بهم. ومنه سمي المشوب مشوبًا لاختلاف ألوانه. والمأشوب والمشوب واحد. ويقال: بها أشاباتٌ، من الناس، وأوباشٌ، أي: أخلاط.
٢٠ ... ألا، هل أتى أهل الحجاز مغارنا
على حي وردٍ، وابن ريا، المضرب؟
"
1 / 13
مغارنا": غارتنا. و"ورد وابن ريا": طائيان. و"المضرب": المفعل من الضرب، وليس اسمه المضرب. ويروى: "الملحب" أي: لحب بالسيوف.
٢١ ... جنبنا، من الأعراف، أعراف غمرةٍ
وأعراف لبن، الخيل، يا بعد مجنب!
"لبن" جبلٌ. ويقال: هذه لبن، كما ترى، غير مصروفة، وأنشد للراعي:
كجدنل لبن، تطرد الصلالا
أي: تتبع مواقع المطر. والصلال: أمطار متفرقة. وقوله: "يا بعد مجنب" تعجبٌ من بعد الموضع، الذي جنبت منه.
٢٢ ... بنات الغراب، والوجيه ولاحقٍ
وأعوج، تنمي نسبة المتنسب
قال أبو عبيدة: كان "الوجيه والغراب ولاحقٌ" ومذهب ومكتوم، هذه الخمسة، فحولًا لعني بن أعصر. وقد تفرق أولادهن في سائر قبائل
1 / 14
العرب فإن ذكرها ذاكرٌ فإنما يفتخر بما صار إليه، من نسلها. وكان "أعوج" لكندة، فأخذته بنو سليم في بعض أيامهم، ثم صار إلى بني هلال. فافتخر طفيل ببنات أعوج، التي صرن في غني، ولم يفتخر بأن أعوج كان لهم.
وقال الأصمعي: هما أعوجان، فالأكبر منهما لغني، والأصغر لبني هلال. وذكر أن سبل هي أم أعوج الأكبر، وأنها كانت لغني.
قال أبو عبيدة: ليس فيهن فحل أشهر في العرب، ولا أكثر نسلًا فيهم، ولا الشعراء ولا الفرسان أكثر ذكرًا، ولا افتخارًا به، من أعوج. وكان أولها.
الأصمعي: "بنات" ههنا ذكور. وما لم يكن من الناس قيل للذكور منه: بنات. وقوله: "تنمي" يعني: الخيل أنها تجد، من آبائها السوابق، ما تنسب إليه. وتنمى -بضم التاء - أي ترفع. ومنه: انتمى فلان: أي: ارتفع في نسبه.
٢٣ ... ورادًا وحوًّا، مشرفًا حجباتها
بنات حصان، قد تعولم، منجب
قال أبو عبيدة: ويقال: فرس ورد، والمصدر الورودة، و"الورد": بين الكميت الأحمر، وبين الأشقر، وهو إلى الصفرة. و"الحوة": خضرة إلى سواد. يقال: فرس أحوى، وفرس حواء، إذا كانت خضرته
1 / 15
إلى السواد، واصفرت شاكلته. ويقال: أحوَوَى الفرس يحواوِي احوِواءً. ويقال: احواوى الفرس يحواوي احويواء. وبعض العرب يقول: حوي فهو يحوى حوة. و"الحجبات": رؤوس الأوراكِ، التي تشرف على الخواصر. ويستحب منه أن تظهر من اللحم، وتشرف. ويكره منها أن يغمرها اللحم، وأن تغمض. وقوله "قد تعولم" يقال: أمر متعالم، أي: قد علمه الناس وشُهِرَ. ومنزله متعالم أي: معلوم مكانه. "منجب": كريم النسل.
وكمتًا، مدماةً، كأن متونها ... جرى فوقها، واستشعرت لون مذهب
يقال: كميت أحم، وهو أشد الخيل حافرًا وجلدًا، وهو الذي تضرب حمرته إلى السواد. و"كميت مدمى" وهو الذي كمتته إلى الحمرة، لا يخلطها سواد. وكميت "مذهب" وهو الذي تعلوه صفرة. قال الأصمعي: وقال بنو عبسٍ: ما صبر معنا، في حربنا، إلا بنات العم، ومن الخيل إلا الكمت، ومن الإبل إلا الحمر. قال الأصمعي: وكان الوجه أن يقول: جرى فوقها، واستشربته، لون مذهب. قال:
1 / 16
والعرب تجعل الفعل للآخر، وتبطل فعل الأول. واستشربت أي: أشربت يقال: فلان متشرب حمرة، أي: ألزم لونه حمرة. قال المرار:
ولكن أشربوا الأقران صهبًا
أي: ألزموا الحبال أعناقها، لما قرنت فيها.
٢٥ ... نزائع مقذوفًا على سرواتها
بما لم تخالسها الغزاة، وتسهب
أي: "نزيع" كل قبيلة، أي: غريب كل قبيلة. وكذلك هي من النساء: كل غريبة نزيعة. وقوله: "مقذوفًا على سرواتها" أي: قذفت الأداة على ظهورها، بما تركت ليست بموضع تخالسها الكماة والغزاة، وتترك مسهبة. فاستغنى عن ذكر الأداة، فلم يذكرها. والمعنى: هذا التعب الذي عي فيه، بتلك الراحة. قال: ومثل من أمثال العرب "بما لا أخشى بالذئب" أي: إن كنت كبرت، حتى صرت أخشى بالذئب، فهذا بما كنت وأنا شاب لا أخشاه. يضرب مثلًا للرجل الذي يكون عزيزًا، ثم يرى ذلة. وقوله "بما" معناه: هذا بذاك. و"سرواتها": أعالي ظهورها. و"تسهب": تهمل. يقال: أسهب
1 / 17
فلان [فرسه] إذا تركها مهملةً. ورجل مسهب في منطقه، إذا لم يكن لكلامه جول يمسكه.
٢٦ ... تباري مراخيها الزجاج، كأنها
ضراء، أحست نبأةً، من مكلبِ
يقول: أعناقها كأنها تساير الرماح، من طولها. وأنشد:
يباري شباة الرمح خدٌّ، مذلق ... محد السنان، الصلبي، النحيض
و"الزجاج" أراد: الأسنة. والزج عند العرب: السنان. والزج: الأسفل. ويقال للسنان والزج: زجان، وللنصل والزج: نصلان. قال المتنخل:
أقول، لما أتاني الناعيان به: ... لا يبعد الرمح، ذو النصلين، والرجل
و"مراخيها": جمع مرخاء. وهي السلهلة العدو، دون الاجتهاد يقال للذكر والأنثى: مرخاء. قال أبو عبيدة: هو إرخاء أعلى، وإرخاء أسفل. والإرخاء الأعلى: أن تخليه وشهوته، من الحضر، غير متعب له ولا مستزيد. والإرخاء الأسفل: بمنزلة التقريب الأعلى.
٢٧ ... كأن يبيس الماء، فوق متونها
أشارير ملحٍ، في مباءة مجربِ
1 / 18
"يبيس الماء": ما يبس، من العرق، فصار أبيض. وعرق الخيل، إذا جف، أبيض. وعرق الإبل، إذا جف، أصفر. قال العجاج:
يصفر، لليبس، اصفرار الورس
وقال بشر:
تراها، من يبيس الماء، شهبًا ... مخالط درة، منها، غرار
و"المتنان" والمتنتان: ما ابتد الصلب، من اللحم والعصب. و"الأشارير": جمع إشرارةٍ. وهو طرف الجلة يجفف عليه الأقط. وأصحاب الإبل الجربى يتخذون عليه الملح والقطران. قال عوف بن الخرع:
كل قبائلهم أتبعت ... كما أتبع العر، ملحًا، وقارا
فشبه بياض ما على الخيل، من العرق، ببياض هذه الإشرارة. "مجرب": صاحب إبلٍ جربى. والمجرب يجمع للإبل الجربى الملح، لدوائها به. و"المباءة": المحلة. يقال: أبأت الإبل، إذا رددتها إلى محلتها.
٢٨ ... من الغزو، واقورت كأن متونها
زحاليف ولدانٍ، عفت، بعد ملعب
1 / 19