122

Ikhtiyaarka Li Taclil

الاختيار لتعليل المختار

Tifaftire

محمود أبو دقيقة

Daabacaha

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1356 AH

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ وَإِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَبِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَبِنِيَّةِ النَّفْلِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ» وَيَوْمُ الْفِطْرِ مَأْمُورٌ بِإِفْطَارِهِ، وَفِي صَوْمِهِ مُخَالَفَةُ الْأَمْرِ وَمُخَالَفَةُ الِاسْمِ، وَعَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ.
قَالَ: (وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ وَإِلَى نِصْفِ النَّهَارِ وَبِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَبِنْيَةِ النَّفْلِ) .
اعْلَمْ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الصَّوْمِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَنَّهُ يَصُومُ، وَلَا يَخْلُو مُسْلِمٌ عَنْ هَذَا فِي لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَيْسَتِ النِّيَّةُ بِاللِّسَانِ شَرْطًا، وَلَا خِلَافَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ. وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِهِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ زُفَرُ: النِّيَّةُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلصَّحِيحِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ مُتَعَيِّنٌ لِعَدَمِ الْفَرْضِ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ غَيْرُهُ، فَمَتَى حَصَلَ فِيهِ إِمْسَاكٌ وَقَعَ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ لِصَوْمِ مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ، فَصَارَ كَإِعْطَاءِ النِّصَابِ جَمِيعِهِ لِلْفَقِيرِ بَعْدَ الْحَوْلِ. وَلَنَا أَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَلِقَوْلِهِ ﵊: «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ، وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ قَدْ يَكُونُ لِلْعَادَةِ أَوْ لِعَدَمِ الِاشْتِهَاءِ أَوْ لِلْمَرَضِ أَوْ لِلرِّيَاضَةِ وَيَكُونُ لِلْعِبَادَةِ فَلَا يَتَعَيَّنُ لَهَا إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَالْقِيَامِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَدَاءِ الْخُمْسِ إِلَى الْفَقِيرِ، بِخِلَافِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْمَشْرُوعَ فِيهِ لَا يَتَنَوَّعُ.
وَقَوْلُهُ: الزَّمَانُ مُتَعَيِّنٌ لِصَوْمِ الْفَرْضِ. قُلْنَا: نَعَمْ، لَكِنْ إِذَا حَصَلَ الصَّوْمُ فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّهُ حَصَلَ ; غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَصَلَ الْإِمْسَاكُ وَقَدْ خَرَجَ جَوَابُهُ. وَأَمَّا هِبَةُ النِّصَابِ قُلْنَا: وُجِدَ مِنْهُ مَعْنَى النِّيَّةِ، وَهُوَ الْقُرْبَةُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ بِهِ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ لِلْفَقِيرِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ بِهِ، أَمَّا هُنَا حَصَلَ مُطْلَقُ الْإِمْسَاكِ وَلَا ثَوَابَ فِيهِ، وَلِهَذَا لَا يَكُونُ صَوْمًا خَارِجَ رَمَضَانَ.
وَرَوَى الْقُدُورِيُّ عَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ أَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ زُفَرَ وَقَالَ: إِنَّمَا مَذْهَبُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ صَوْمَ الشَّهْرِ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَاحِدٌ وَهُوَ شُهُودُ جُزْءٍ مِنَ الشَّهْرِ فَصَارَ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِكُلِّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ صَوْمَ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ عَلَى حِدَةٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ فَسَدَ صَوْمُ يَوْمٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَاقِي، وَكَذَا عَدَمُ الْأَهْلِيَّةِ فِي بَعْضِهِ لَا يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْبَاقِي فَتَجِبُ النِّيَّةُ لِكُلِّ عِبَادَةٍ، وَلِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ صَوْمِ الْيَوْمِ بِمَجِيءِ اللَّيْلَةِ. قَالَ ﵊: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» وَإِذَا خَرَجَ يَحْتَاجُ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَيَحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ كَأَوَّلِ الشَّهْرِ.
وَأَمَّا جَوَازُ الصَّوْمِ بِالنِّيَّةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّاسَ أَصْبَحُوا يَوْمَ الشَّكِّ، فَقَدِمَ أَعْرَابِيٌّ وَشَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، فَقَالَ ﵊: " أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ ﵊: " اللَّهُ أَكْبَرُ، يَكْفِي الْمُسْلِمِينَ أَحَدُهُمْ " فَصَامَ، وَأَمَرَ بِالصِّيَامِ،

1 / 126