به من الجهات الكثيرة عن الثقات. فلما قال الله ﷿: ﴿لا تدركه الأبصار﴾ وجاء عن رسول الله ﷺ: «ترون الله يوم القيامة» لم يخف على ذي نظر أنه في وقت دون وقت.
وفي قول موسى ﵇ أيضًا: ﴿رب أرني أنظر إليك﴾ أبين الدلالة بأنه يرى في القيامة ولو كان الله لا يرى في حال من الأحوال ولا يجوز عليه النظر لكان موسى قد خفي عليه من صفة الله ما علموه.
ومن قال إن الله يدرك بالبصر يوم القيامة فقد حده عندهم ومن كان الله عنده محدودًا فقد شبهه بالمخلوقين، ومن شبهه عندهم بالخلق فقد كفر.
فما نقول في موسى فيما بين أن نبأه الله ﷿ وكلمه من الشجرة إلى الوقت الذي قال فيه: ﴿أرني أنظر إليك﴾ أنقضي عليه بأنه كان مشبهًا لله محددًا؟ لا لعمر الله ما يجوز أن يجهل موسى من الله مثل هذا لو كان على تقديرهم، ولكن موسى علم أن الله يرى يوم القيامة فسأل الله أن يجعل له في الدنيا ما أجله لأنبيائه وأوليائه يوم القيامة فقال: ﴿لن تراني﴾ يعني في الدنيا ﴿ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني﴾ أعلمه أن الجبل لا يقوم لتجليه حتى يصير دكًا وأن الجبال إذا ضعفت عن احتمال ذلك فابن آدم أحرى أن يكون أضعف، إلى أن يعطيه الله يوم القيامة ما يقوى به على النظر، ويكشف عن نظره الغطاء الذي كان في الدنيا فيصير بعد الكلال حديدًا، والتجلي هو الظهور ومنه يقال جلوت المرآة والسيف إذا أظهرتهما من الصدأ وجلوت العروس إذا أبرزتها.
(الرد عل نفاة صفة النفس)
وقالوا في قوله: ﴿تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك﴾
1 / 46