نعمة، وإنما كانت بليّة، كما سمَّاها الله تعالى في كتابه كذلك (^١)، فقال جل وعلا: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا ...﴾ الآية [الفجر/١٥ - ١٧]، أي ليس كل من أكرمته في الدنيا ونعَّمته (^٢) فيها قد (^٣) أنعمت عليه، وإنما ذلك ابتلاء مني له واختبار، ولا كل من قدرْتُ عليه رزقه فجعلته (^٤) بقدر حاجته من غير فضلةٍ أكون قد أهنته، بل أبتلي عبدي بالنعم كما أبتليه بالمصائب.
فإن قيل: فكيف يلتئم هذا المعنى ويتفق مع قوله: ﴿فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ﴾ فأثبت له الإكرام ثم أنكر عليه قوله: ﴿رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ (^٥) وقال: ﴿كَلَّا﴾. أي ليس ذلك (^٦) إكرامًا مني وإنما هو ابتلاء، فكأنه أثبت الإكرام ونفاه.
قيل: الإكرام المثبت غير الإكرام المنفي، وهما من جنس (^٧) النعمة المطلقة والمقيدة، فليس هذا الإكرام المقيد بموجِب لِصاحبه أن يكون