ونادى في البلد أن ترفع النساء والذرية ، إلى القلعة المنصورة المحمية ، فعدل جمع الفرنج المخذول عن مواجهة المقر المشار إليه إلى موضع آخر ، فنفضوا إلى الساحل حيث لا يصل إليهم ركابه الشريف ثم ساروا إلى ربض البلد (¬2) وحاصروا القلعة ، فواقعهم أعز الله أنصاره ( فكسرهم ) في أماكن متعددة ، ومازال مصاولا لهم مصابرا مرابطا مثاغرا ، حتى قدم ( الجيش الحلبي ) يقده المقر العالي السيفي ( منكل بغا (¬3) في خاصة مماليكه ، وأخبرني أنه حال ما وصل إليهم وجدهم ثلاثة كراديس سودا والصلبان مرفوعة على رؤوسهم لعنهم الله ، وكردوسا آخر دونهم في السواد ، وإذ هو من التراكمين المنافقين الذين يخفون الشرك ، يقاتلون المسلمين معهم ، ( فلما تحققوا ) قدوم المقر السيفي ( منكل بغا ) تحيزت الكراديس الأربعة المذكورة المخذولة وصارت كردوسا واحدا ، واجتمع المقر الشريف السيفي ( منجك ) إلى المقر الشريف السيفي ( منكل بغا ) ، فأخبرني المقر السيفي (منكل بغا ) أن الفرنج رشقوهم بالنبال إلى أن تواري وجه الأرض بها فلا يرى منها شيء لكثرتها ، وكثرت الجروح (¬1) من تلك الجروح في الجيش الإسلامي ، ورشقهم المسلمون بالنبال رشقا منكيا حتى أن من الأمراء المسلمين من كان يرمي الفرنجي فيصيب بركبته وعليها غلاف من حديد ، فينتظم الغلاف مع الركبة (¬2) بسهمه ، ثم انهزم الفرنج من بين أيديهم فلبسوا (¬3) تلا هناك ثم رشقوا المسلمين بالحجارة أعظم مما رشقوهم بالنبال أولا ، ثم أخذ عليهم المقر السيفي ( منكل بغا ) طريقهم إلى مركبهم وقتل شيئا كثيرا من خيولهم ففروا إلى البحر لا يلوي أحد منهم على أحد ، فرشقهم المسلمون رشقا عظيما بالنبال وقتلوا منهم خلقا عظيما ، وغرق منهم أكثر ممن قتل ، وقتل ( صاحب جزيرة رودس ) وجرح ( صاحب قبرس ) وهلك منهم خلق كثير ورجعوا خائبين خاسرين أعظم خيبة من خيبتهم في ( اطرابلس ) ((ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا )) سورة الأحزاب
وكانوا حسبوا أن بجمعهم الكثير يحصلون على شيء ، والقدر يتلوا عليهم مما هو محكم في كتاب الله العزيز المقتدر قوله تعالى (( سيهزم الجمع ويولون الدبر * بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر (( سورة القمر
وراموا أنهم يحصلون على شيء من تلك المعاقل والحصون ((وحيل بينهم وبين ما يشتهون )) سورة سبأ
Bogga 12