Ijazat Ibn Yahya
إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
Noocyada
قالوا: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كتب يوم الخندق لعيينة بن حصن ومن تابعه من غطفان بثلث ثمار المدينة من دون مشورة أهلها، فلما عرفوه صلى الله عليه وآله وسلم بحالهم وقوتهم أعطاهم الكتب فمزقوه.
قالوا: وذلك دليل على جواز تسليم المال إلى سلاطين الجور.
قلت وبالله التوفيق:أن استدلالهم بذلك باطل؛ لأن ثلث ثمار المدينة إنما قصد به صلى الله عليه وعلى[510] آله وسلم تفريق لأحزاب زتفتيت أعضادهم، وذلك معلوم بين أهل العلم، فلم يكن في ذلك تمكين لظالم مما يجند به الجنود للبغي والفساد في الأرض بغير الحق.
وفي الرواية المشهورة تصريح بمعنى هذا إلى تفريق شمل الظالمين، ولم تتمكن من دفعهم إلا به كما قصد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الخبر بعينه لقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
وأما ما كان يؤدي إلى قوة ظلم الظالمين واستمرار دولتهم فليس في هذا الخبر شيء من الدلالة على جواز ذلكن فتأمل.
فإن أبيت هذا المعنننة فاعلم أن في الرواية المشهورة ما سقناه أن أهل المدينة، قالوا: يارسول الله[511] أهذا أمر من الله أم رأي رأيته.
فقال: ((ليس هذا بأمر من الله، ولكنه رأي رأيته))، فإذا كان كذلك والأمر على ما تزعم من جواز تسليم ما يقوي أعضاد الظلمة فلا يصلح دليلا؛ لأنا لم نعلم أيقره الله على ذلك ويبيح للناس به معاونة الظالمين أم لا يقره.
فنقول: كما قال الله تعالى: {عفا الله عنك لم أذنت لهم}، لأنه قد ذكر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه لم يكن لله في ذلك أمر، فإذا كنا ل نعلم ما حكم الله تعالى فيه، فكيف يعتمد عليه ويترك قوله تعالى: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}وما وافقه من الأدلة القطعية، وهل ذلك إلا ضلال.
وقالوا: قد ذكر العلماء جواز تسليم معتاد الرصد، وهذا مثله.
Bogga 114