كبيرة وصغيرة حفظا لها من النسيان والضياع، ثم صحت عزيمة علمائنا الاجلاء بجمعها في مجاميع تنسقها في موضوعاتها وتصونها عن التشتت، فظهرت فيما بعد عصر الأئمة مؤلفات حديثية هامة كان من أجلها الكتب المعروفة الأربعة (الكافي) و (من لا يحضره الفقيه) و (الاستبصار) و (التهذيب)، ثم تتابعت الجهود في الرواية والتدوين بالأصول المقررة عند علماء الحديث.
ومن علمائنا البارزين في هذا الميدان - بالإضافة إلى أثره البين في مجالات علمية أخرى - شيخ أرباب الحديث في القرون المتأخرة العلامة الثبت الثقة شيخنا المولى محمد باقر المجلسي الأصبهاني، فإنه - تغمده الله برحمته ورضوانه - عمل من جهتين لحفظ التراث الحديثي واحياء ما كاد أن يندثر منه، وهما:
1 - جمع الأحاديث الموزعة في المؤلفات الحديثية الكبيرة والصغيرة بتنسيق وتبويب موسع في موسوعته الكبرى (بحار الأنوار)، بالإضافة إلى جملة من الآيات المناسبة التي بدأ بها أبواب الموسوعة، وفسر الآيات وشرح الأحاديث بما يلزم من التفسير والشرح لتبيين المقاصد والمداليل.
وبعمله هذا لم شتات أحاديث أهل البيت من مختلف المصادر القديمة وصانها عن الاندراس والتلف بسبب الغفلة عن تلك المصادر، لان أكثرها غير مشهورة أو غير موفرة. ومن جهة أخرى يسر مهمة الباحثين الموسوعيين الذين يرومون التوسع في الرجوع إلى الروايات الواردة في الأبواب العقائدية والأخلاقية وغيرها من بقية الموضوعات الدينية.
2 - أما الطريقة الثانية التي عمل فيها المجلسي لحفظ التراث، فهي تربية مجموعة كبيرة من التلاميذ وتدريبهم على علوم الحديث بقراءتها وكتابة مصادرها ومقابلة نسخها وتصحيحها حسب مواضعات المحدثين لهذا الغرض. فيذكر بعض
Bogga 5