التشرُّف بخدمة مولانا السلطان: الملك الناصر صلاح الدين١
أعزَّ الله ببقائه الدين والعباد، وأدام مزيد ارتقائه ما استمرَّت الآباد، فلقد اختصَّ من السجايا الكريمة بأجملها، ومن المزايا العميمة بأكملها؛ فلذلك لم يشغله تدبير مملكته الواسعة، وأقطارها الشاسعة، عن الإعياء في الفضائل، والإرباء على الأوائل، حتى استقَلَّ الفضلاءُ حَاصِلَهم فيما لديه، واضمحلَّ طائلهُم إذا نظروا إليه، فأعداؤه من سَطْوَتِهِ وَجِلُون، وأولياؤه عند رؤيَته خَجِلُون، علمًا بأنَّ الأزمنة تضيق عن حصر معاليه، والألسنة " لا تطيق شكر أياديه " ٢، لكن المحبة "إلى" ٣ إنفاذ الوسع داعية، والنفوس بحسب الإمكان في مراضيه ساعية؛ فلهذا سَهُلَ إقدامي على ما أنا فيه وإن فقت الدَّارين كحامل المسك إلى دارين ٤.
وفي تقبُّل الله تعالى تقرب أوليائه بأعمال هي من جملة آلائه، تمهيد المعذرة للأنفس الحذرة والله تعالى سعف بحصول المنويّ وقبول المحفوظ والمروي بِمَنِّه ويُمْنِه.
_________
(١) تقدَّمت ترجمته في ص ٣٠ من الدراسة.
(٢) في أ: "والألسنة لا تضيق عن حصر شكر أياديه".
(٣) في ب: "في إنفاذ".
(٤) دارين: فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك من الهند. ويُنْسَب إليها المسك، فيقال: مسك دارين. ينظر: معجم البلدان ٢/٤٣٢،والقاموس مادَّة (درن)، وتمثال الأمثال ١/١٣٨.
1 / 57