Soo noolaynta Cilmiga Diinta
إحياء علوم الدين
Daabacaha
دار المعرفة
Goobta Daabacaadda
بيروت
سئل فقيل أي الأعمال أفضل فقال ﷺ الإسلام فقال أي الإسلام أفضل فقال ﷺ الإيمان (١) وهذا دليل على الاختلاف وعلى التداخل وهو أوفق الاستعمالات في اللغة لأن الإيمان عمل من الأعمال وهو أفضلها والإسلام هو تسليم إما بالقلب وإما باللسان وإما بالجوارح وأفضلها الذي بالقلب وهو التصديق الذي يسمى إيمانًا والاستعمال لهما على سبيل الاختلاف وعلى سبيل التداخل وعلى سبيل الترادف كله غير خارج عن طريق التجوز في اللغة
أما الاختلاف فهو أن يجعل الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب فقط وهو موافق للغة والإسلام عبارة عن التسليم ظاهرًا وهو أيضًا موافق للغة فإن التسليم ببعض محال التسليم ينطلق عليه اسم التسليم فليس من شرط حصول الاسم عموم المعنى لكل محل يمكن أن يوجد المعنى فيه فإن من لمس غيره ببعض بدنه يسمى لامسًا وإن لم يستغرق جميع بدنه فإطلاق اسم الإسلام على التسليم الظاهر عند عدم تسليم الباطن مطابق للسان وعلى هذا الوجه جرى قوله تعالى ﴿قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا﴾ وقوله ﷺ في حديث سعد أو مسلم لأنه فضل أحدهما على الآخر ويريد بالاختلاف تفاضل المسميين
وأما التداخل فموافق أيضًا للغة في خصوص الإيمان وهو أن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والقول والعمل جميعًا والإيمان عبارة عن بعض ما دخل في الإسلام وهو التصديق بالقلب وهو الذي عنيناه بالتداخل وهو موافق للغة في خصوص الإيمان وعموم الإسلام للكل وعلى هذا خرج قوله ﴿الإيمان﴾ في جواب قول السائل أي الإسلام أفضل لأنه جعل الإيمان خصوصًا من الإسلام فأدخله فيه وأما استعماله فيه على سبيل الترادف بأن يجعل الإسلام عبارة عن التسليم بالقلب والظاهر جميعًا فإن كل ذلك تسليم وكذا الإيمان ويكون التصرف في الإيمان على الخصوص بتعميمه وإدخال الظاهر في معناه وهو جائز لأن تسليم الظاهر بالقول والعمل ثمرة تصديق الباطن ونتيجته وقد يطلق اسم الشجر ويراد به الشجر مع ثمره على سبيل التسامح فيصير بهذا القدر من التعميم مرادفًا لاسم الإسلام ومطابقًا له فلا يزيد عليه ولا ينقص وعليه خرج قوله ﴿فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين﴾
البحث الثالث عن الحكم الشرعي
والإسلام والإيمان حكمان أخروي ودنيوي
أما الأخروي فهو الإخراج من النار ومنع التخليد إذ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان (٢) وقد اختلفوا في أن هذا الحكم على ماذا يترتب وعبروا عنه بأن الإيمان ماذا هو فمن قائل إنه مجرد العقد ومن قائل يقول إنه عقد بالقلب وشهادة باللسان ومن قائل يزيد ثالثًا وهو العمل بالأركان ونحن نكشف الغطاء عنه ونقول من جمع بين هذه الثلاثة فلا خلاف في أن مستقره الجنة وهذه درجة
الدرجة الثانية أن يوجد اثنان وبعض الثالث وهو القول والعقد وبعض الأعمال ولكن ارتكب صاحبه كبيرة أو بعض الكبائر فعند هذا قالت المعتزلة خرج بهذا عن الإيمان ولم يدخل في الكفر بل اسمه فاسق وهو على منزلة بين المنزلتين وهو مخلد في النار وهذا باطل كما سنذكره
الدرجة الثالثة أن يوجد التصديق بالقلب والشهادة باللسان دون الأعمال بالجوارح وقد
(١) حديث سئل أي الأعمال أفضل فقال الإسلام فقال أي الإسلام أفضل فقال الإيمان أخرجه أحمد والطبراني من حديث عمرو بن عنبسة بالشطر الأخير فقال يا رسول الله أي الإسلام أفضل قال الإيمان وإسناده صحيح
(٢) حديث يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان أخرجاه من حديث أبي سعيد الخدري في الشفاعة وفيه اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه الحديث ولهما من حديث أنس فيقال انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان لفظ البخاري ﴿منهما﴾ وله تعليقا من حديث أنس يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان وهو عندهما متصل بلفظ ﴿خير﴾ مكان ﴿أيمان﴾
1 / 117