Soo noolaynta Cilmiga Diinta
إحياء علوم الدين
Daabacaha
دار المعرفة
Goobta Daabacaadda
بيروت
للعباد حتى يظهر لهم العدل في العقاب أو الفضل في العفو وتضعيف الثواب
الأصل الخامس الصراط وهو جسر ممدود على متن جهنم أرق من الشعرة وأحد من السيف قال الله تعالى فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون وهذا ممكن فيجب التصديق به فإن القادر على أن يطير الطير في الهواء قادر على أن يسير الإنسان على الصراط
الأصل السادس أن الجنة والنار مخلوقتان قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فقوله تعالى أعدت دليل على أنها مخلوقة فيجب إجراؤه على الظاهر إذ لا استحالة فيه ولا يقال لا فائدة في خلقهما قبل يوم الجزاء لأن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
الأصل السابع أن الإمام الحق بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ﵃ ولم يكن نص رسول الله ﷺ على إمام أصلًا إذ لو كان لكان أولى بالظهور من نصبه آحاد الولاة والأمراء على الجنود في البلاد ولم يخف ذلك فكيف خفي هذا وإن ظهر فكيف اندرس حتى لم ينقل إلينا فلم يكن أبو بكر إمامًا إلا بالاختيار والبيعة وأما تقدير النص على غيره فهو نسبة للصحابة كلهم إلى مخالفة رسول الله ﷺ وخرق الإجماع وذلك مما لا يستجرىء على اختراعه إلا الروافض واعتاد أهل السنة تزكية جميع الصحابة والثناء عليهم كما أثنى الله ﷾ ورسوله ﷺ
وما جرى بين معاوية وعلي ﵄ كان مبنيًا على الاجتهاد لا منازعة من معاوية في الإمامة إذ ظن علي ﵁ أن تسليم قتلة عثمان مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدي إلى اضطراب أمر الإمامة في بدايتها فرأى التأخير أصوب وظن معاوية أن تأخير أمرهم مع عظم جنايتهم يوجب الإغراء بالأئمة ويعرض الدماء للسفك
وقد قال أفاضل العلماء كل مجتهد مصيب
وقال قائلون المصيب واحد ولم يذهب إلى تخطئة على ذو تحصيل أصلًا
الأصل الثامن أن فضل الصحابة ﵃ على ترتيبهم في الخلافة إذ حقيقة الفضل ما هو فضل عند الله ﷿ وذلك لا يطلع عليه إلا رسول الله ﷺ
وقد ورد في الثناء على جميعهم آيات وأخبار كثيرة (١) وإنما يدرك دقائق الفضل والترتيب فيه المشاهدون للوحي والتنزيل بقرائن الأحوال ودقائق التفصيل فلولا فهمهم ذلك لما رتبوا الأمر كذلك إذ كانوا لا تأخذهم في الله لومة لائم ولا يصرفهم عن الحق صارف
الأصل التاسع أن شرائط الإمامة بعد الإسلام والتكليف خمسة الذكورة والورع والعلم والكفاية ونسبة قريش لقوله ﷺ الأئمة من قريش (٢) وإذا اجتمع عدد من الموصوفين بهذه الصفات فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق والمخالف للأكثر باغ يجب رده إلى الانقياد إلى الحق
الأصل العاشر أنه لو تعذر وجود الورع والعلم فيمن يتصدى للإمامة وكان في صرفه إثارة فتنة لا تطاق حكمنا بانعقاد إمامته لأنا بين أن نحرك فتنة بالاستبدال فما يلقى المسلمون فيه من الضرر يزيد على ما يفوتهم من نقصان هذه الشروط التي أثبتت لمزية المصلحة فلا يهدم أصل المصلحة شغفًا بمزاياها كالذي يبني قصرًا ويهدم مصرًا وبين أن نحكم بخلو البلاد عن الإمام وبفساد الأقضية وذلك محال
ونحن نقضي بنفوذ قضاء أهل البغي في بلادهم لمسيس حاجتهم فكيف لا نقضي بصحة الإمامة عند الحاجة والضرورة فهذه الأركان الأربعة الحاوية للأصول الأربعين هي قواعد العقائد فمن اعتقدها كان موافقًا لأهل السنة ومباينًا لرهط البدعة
فالله تعالى يسددنا بتوفيقه ويهدينا إلى الحق وتحقيقه بمنه وسعة جوده وفضله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وكل عبد مصطفى
(١) حديث الثناء على الصحابة تقدم
(٢) حديث الأئمة من قريش أخرجه النسائي من حديث أنس والحاكم من حديث ابن عمر
1 / 115