أما أولا: فلأن المتوهم للتأثير في الفعل لو كان فاعلا غير مستقل بإحداثه للزم أن واضع اللغة ما وضع اسم الفاعل إلا للمتوهم المذكور، لا للمؤثر حقيقة في الفعل ولا لمن قام به كما يزعمه أهل الكسب، فالكلام باطل على المذهبين معا، وأما ثابتا؛ فلأن مذهب المعتزلة ومن يجري مجراهم هو الذي يصح معه المعنى في عدم الاستقلال، لأنهم قائلون بأن الله تعالى هو خالق القوي والقدر ........وخالق الآلات والأسباب كلها والدواعي والبواعث باستناد الفعل إلى تأثيرهم بقدرهم وإرادتهم لا ينافي الاستقلال بل تحققه نظرا إلى وقوع الفعل بقدرة العبد المخلوقة لله تعالى مع كمال التمكين والتخلية فليفهم، وسيأتي توضيح آخر في الاستقلال وفي الإحداث نفسه، فإن هذا المقام مما يقع المغالطة والتمويه من الأشاعرة حتى أنهم يفهمون الأغبياء أنهم يقولون بأن للعبد مدخلا في إحداث أفعاله بدون استقلال وكل ذلك تمويه.
ومنها قوله: دون الفعال لما يريده من كل معترف وجاحد، فإنه ميل منه إلى الاستدلال على مذهبه في خلق الله للأعمال بقوله تعالى: {فعال لما يريد} وهذا الصنيع والاستدلال باطل في وجوه أيضا:
Bogga 40