إن كان الأول لزم وقوع التكليف بما لا يطاق، بل الممتنع لذاته؛ لأنه تكليف بالمعرفة الصحيحة في حال عدم خلوص العقل عن شوائب الوهم فهو راجع إلى الجمع بين المتنافسين، بل هو كتكليف من لا يعقل، والخصم لا يقول به بل قد زعم المعترض فيما سشيجيء إن شاء الله تعهالى أن التكليف بالمحال عير واقع عندهم وسيأتي لنا إبطال هذه الدعوى، وأنهم واقعون في القول بوقوع التكليف بالمحال لذاته من جهات لازمة على مذهبهم في الجبر، وخلق الله الأعمال لو لم يكن في الجهات المذكورة إلا هذه الجهة لكفتهم فإن تكليف من لا يخلص عقله عن الوهم الفاسد كما لزم المعترض من قبيل التكليف بالمحال كما ذكرناه، بل في فبيل تكليف الغافل، وقد صرحوا في .... بأنهم لا يقولون بوقوعه.
قال البيضاوي في منهاجه: لأن العفل امتثالا يعتمد العلم ، انتهى، فالمكلف بالمعرفة عندهم إما أن يكون عالما عير غافل وأن يكون غافلا عير عالم فكذلك يلزم المحال وهو التكليف بالجمع بين المتنافسين أو النقضين؛ لأن العمل لأجل الامتثال يستدعي بالمكلف به فكأنه قيل له في المطالبة ... كن عارفا غير عارف وهو تكليف بالمحال الذي هو الجمع بين المتنافين، قود اضطربوا في دفع هذا الاشطال الذي لا محيص لهم عنه حتى قال البيضاوي في المنهاج أيضا[66]: أن وجوب المعرفة مستثنى من قاعدة امتناع التكليف للغافل هذا معنى كلامه، وقد شرح الجمال الأسنوي بما يحقق ما ذكرناه عنهم.
والعب من هذا التصريح منهم بامتناع تكليف الغافل وهو تحكيم منهم للعقل مع زعمهم أنهم لا يحكمونه في أفعال الله وأحكامه تعالى، وأنهم لا يقولون هذا يجوز وهذا لا يجوز في حقه تعالى، وإنما هو من دأب المعتزلة ومذهبهم كما كرره المعترض في كتابه هذا.
Bogga 145