111

Ihtiraas

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

Noocyada

وأما الآمدي والسيد المرتضى الموسوي الإمامي فذهب إلى الوقف في ذلك، قيل نظرا منهم إلى تعارض الأدلة، وفي ظني أن الخلاف مضمحل؛ لأن هؤلاء القائلين بأنه ضروري ما قالوا بذلك على لإطلاق بل قالوا: أنه يحصل العلة لضرورة ش رائطة ونحن نعلم أنهم لا ينكرون أن في شرائط كون الرواة عددا [54]...... في العادة تواطيهم على الكذب، وأن المراد باستحالة تواطيهم على الكذب هي الاستحالة .....السامعون للخبر لا الاستحاليه في نفس الأمر مع قطع النظر عن علمهم وحكمهم..... أن علمهم وحكمهم إلى ذلك مستندا إلى العادة أي أنها هي التي تحيل....... ظنهم على الكذب، ولا شك في أنها إنما تفيد السامين بهذه الاستحالة من حيث تكررها..... مرة بعد أخرى، ولذا سمية عادة، وعلى هذا قد رجع الخلاف إلى اللفظ العبارة أي أن ما سماه هؤلاء باسم الشرائط وقالوا: أنه لا يحتاج بعده إلى النظر في المقدمات هو ما اسماه أولئك القائلون بأنه استدلالي باسم المقدمات، فما كان لتوقف الآمدي، والموسوي، .....لأنهما أيضا لا يخالفان فيما ذكرناه جميعه، ولا ينبغي الخلاف فيه لعاقل عارغ، وقد خرجنا في ه المجال إلى ما لسنا بصدده، إلا أنه قد ظهر منه أن السؤال المذكور.... وعلينا من دون تصور نزاع في ذلك، وأنه مغالطة ممن لزم على مذهبه....... بالشرائع وتجويز كذبها في الواقع وتبيين أنه لا يتلوث بنا هذا الإلزام..... وأنه غل في أعناقهم وداء ليس عين الإنصاف نافع، فلينتصفوا وليعتفروا بما نفوه من التحسين والتقبيح، فهما المركز والقطب في الجزم في صحة النبوات والشرائع وإلا ...... أيديهم عز الطبع في ثقتهم بصحة نفي من الأحكام الشرعية وإذا لم يصح لهم شيء منها لصح لهم القول بأن الشرع هو الذي يحسن ويقبح كما زعموا، فيلزم في نفيهم للحسن والقبح عقلا نفيهم للحسن والقبح شرعا، واللازم باطل قطعا واجماعا، ثم نقول: من أين لهم الجزم...... إظهار المعجزة على يدي مدعي الرسالة ليس إلا لأجل تصديقه في دعواه، كيف وهم نافون كونه تعالى يفعل شيئا لأجل شيء؛ لأنه يستلزم الاستكمال بزعمهم الذي قلدوا فيه الفلاسفة كما مر فهذه الدعوه من أعجب المناقضات وأغربها، ودعواهم أن الجزم والعلم بأنه ليس إلا لتصديق المذكور ضروري مما صرح به إمام الحرمين، والإمام الرازي وغيرهما أعجب وأغرب؛ لأنه إثبات الفرض بالضرورة، واعتراف على أنفسهم بأنه يكابرون الضرورة مع أن هذه الدعوى باطلة باعترافهم أيضا؛ لأنهم معترفون بأنه لا يعرفون الباري سبحانه بالضرورة، بل بالاستدلال فيمتنع أنهم يعلمون بها لضرورة؛ لأنه عز وجل قصد بإظهار المعجزة تصديق المدعي للرسالة؛ لأنه يستحيل إني أعلم قصد زيد بالضرورة أي أنه قصد بفعله كذا، وأنا لا أعلم زيدا نفسه إلا بالاستدلال، وحاصله أنه لا يجوز العلم بالفرع ضرورة مع كون العلم بالأصل استدلالا وهذا مما اتفقوا عليه كما صرح به الرازي في المحصل، وسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، وحاصله أن ضرورة العلم بالشيء المنسوب إلى شيء يستلزم ضرورة العلم بالمنسوب إليه أيضا لأنهما أي المنسوب والمنسوب إليه بمنزلة الشيء الواحد من هذه الحيثية، ولك أن تقول: أن العلم بهذا وحده، وبهدا وحده فالعلم بكل واحدة من المقدمتين، ولا يخفى علينا أن المقدمتين إذا لم يكونا من رتبتين معا لم يتصور أن يكون العلم الحاصل منهما ضروريا، فإن المركب من الضروري والنظري نظر أي أبدا، وهب أنه حصل لهم هذا الجزم والعلم كما ادعوا أن الله تعالى يخلق فيهم العلم بصدق المدعي للرسالة عند إظهار المعجزة على يديه، فمن أين لهم الحكم والجزم بأنه تعالى لا يخلق فيهما العلم بصدقه إلا وهو صادق في نفس الأمر فضلا عن الحكم والجزم، بأن عادته تعالى إنما جرت بذلك أي [55] تصديق الصادق دون تصديق الكاذب، لا بد لهم من دليل على ذلك ودعوى جري العادة إثبات مؤثر قبل النفس؛ لأن العادة كما عرفت عبارة عن تكرر الشيء وعوده مرة بعد مرة، وأيديهم فارغة في إثبات المرة الواحدة، فيقال لمن ادعى منهم جري العادة أثبت العرشن ثم أنقشه ، وعلى فرض وقوع تصديق الصادق مرة فمن أين ثبوت العادة التي ادعوها وهم لا يجدون إلى إثباتها سبيلا....من درك المنع لثبوتها، بل نحن ما نفون لثبوت المرة الواحدة على مذهبهم في تجويز تصديقه تعالى.... فإذا لم تساعدهم أصولهم قواعدهم على إثبات المرة الواحدة كيف تساعدهم على إثبات....التي هي عندنا عبارة عن .... التصديق للصادق مرة بعد أخرى، وعلى هذا فليس لهم من العادة يزعمونها إلا مجرد الدعوى الخالية عن البرهان بخلاف ما تقدم ذكره فقد وضحنا فيه، وشرح العادة وبينا أن عود المطابقة مرة بعد مرة في الخبر المتواتر هو الذي نشأ عن الحكم..... كذب الجمع الكثير من الرواة فيما أخبروا عنه من المحسوسات كوجود البصرة وبغداد... ذلك فلولا تكرر المطابقة للواقع وعودها مرة بعد مرة لما حصل الحكم بالاستحالة المذكورة، بل تكون المطابقة للواقع لما كان ثمة عادة أصلا فضلا عن الحكم الذي ثبوته فرع لثبوتها، فليفهم أن الذي كشفناه هنا فقد خفىعلى كثير حتى الإمام الرازي وغيره من فحول الأشاعرة، ما ذاك بنسوخ الشبهة في آذانهم فإن الشبهة إذا نسخت دعت إلى اعتقاد الجهل، وأنت قد نبهت إلى سبق اعتقاد امتنع العلم لاستحالة اجتماع المتقابين كما مر، فلذا غفلوا عن هذا، وأوضحناه وكشفناه حتى قال الرازي: إني إذا غمضت عيني لحظة ثم فتحتها فأنا أعلم أن الله أوجدها.... أن يقلب الجدارت والحيطان ذهبا إبريزا في تلك الحالة، ثم كلما فتحت العين وجدتها...... وهذا التجويز لا يزيل عنا العلم الضروري بأنه لم يؤخذ ذلك يعني فكذا تجويزنا معاشر الأشاعرة فيصدق الكاذب ويخلق فينا العلم بصدقه.

Bogga 126