363

قال فقال أما والله لئن قلت ذلك فقد حدثني صاحبك بالمدينة أني أقتل وأصلب بالكناسة وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي.

قال فحججت وحدثت أبا عبد الله عليه السلام بمقالة زيد وما قلت له فقال لي أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه ولم تترك له مسلكا يسلكه.

وعن هشام بن الحكم قال : اجتمع ابن أبي العوجاء وأبو شاكر الديصاني الزنديق وعبد الملك البصري وابن المقفع عند بيت الله الحرام يستهزءون بالحاج ويطعنون بالقرآن.

فقال ابن أبي العوجاء تعالوا ننقض كل واحد منا ربع القرآن وميعادنا من قابل في هذا الموضع نجتمع فيه وقد نقضنا القرآن كله فإن في نقض القرآن إبطال نبوة محمد وفي إبطال نبوته إبطال الإسلام وإثبات ما نحن فيه فاتفقوا على ذلك وافترقوا فلما كان من قابل اجتمعوا عند بيت الله الحرام فقال ابن أبي العوجاء :

أما أنا فمفكر منذ افترقنا في هذه الآية ( فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا ) (1) فما أقدر أن أضم إليها في فصاحتها وجميع معانيها شيئا فشغلتني هذه الآية عن التفكر فيما سواها.

فقال عبد الملك وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) (2) ولم أقدر على الإتيان بمثلها.

فقال أبو شاكر وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) (3) لم أقدر على الإتيان بمثلها.

فقال ابن المقفع يا قوم إن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر وأنا منذ فارقتكم مفكر في هذه الآية : ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ) (4) ولم أبلغ غاية المعرفة بها ولم أقدر على الإتيان بمثلها.

قال هشام بن الحكم فبينما هم في ذلك إذ مر بهم جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فقال ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) (5) فنظر القوم بعضهم إلى بعض وقالوا لئن كان للإسلام حقيقة لما انتهت أمر وصية محمد إلا إلى جعفر بن محمد والله ما رأيناه قط إلا هبناه واقشعرت جلودنا لهيبته ثم تفرقوا مقرين بالعجز

Bogga 377