الأموال والقطائع والمنازل حتى صارت أحاديثهم ورواياتهم عندهم حقا وصدقا فرووها وقبلوها وتعلموها وعلموها وأحبوا عليها وأبغضوا من ردها أو شك فيها فاجتمعت على ذلك جماعتهم وصارت في يد المتنسكين والمتدينين منهم الذين لا يحبون الافتعال إلى مثلها فقبلوها وهم يرون أنها حق ولو علموا بطلانها وتيقنوا أنها مفتعلة لأعرضوا عن روايتها ولم يدينوا بها ولم يبغضوا من خالفها فصار الحق في ذلك الزمان عندهم باطلا والباطل عندهم حقا والكذب صدقا والصدق كذبا.
فلما مات الحسن بن علي ازداد البلاء والفتنة فلم يبق لله ولي إلا خائف على نفسه أو مقتول أو طريد أو شريد فلما كان قبل موت معاوية بسنتين حج الحسين بن علي عليه السلام وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس معه وقد جمع الحسين بن علي عليه السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج ومن الأنصار ممن يعرفونه وأهل بيته ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أبنائهم والتابعين ومن الأنصار المعروفين بالصلاح والنسك إلا جمعهم فاجتمع عليه بمنى أكثر من ألف رجل والحسين عليه السلام في سرادقه عامتهم التابعون وأبناء الصحابة فقام الحسين عليه السلام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد فإن الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم ورأيتم وشهدتم وبلغكم وإني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فكذبوني اسمعوا مقالتي واكتموا قولي ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم من أمنتموه ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون فإني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب ( والله متم نوره ولو كره الكافرون ).
فما ترك الحسين شيئا أنزل الله فيهم من القرآن إلا قاله وفسره ولا شيئا قاله الرسول في أبيه وأمه وأهل بيته إلا رواه وكل ذلك يقول الصحابة اللهم نعم قد سمعناه وشهدناه ويقول التابعون اللهم قد حدثنا من نصدقه ونأتمنه حتى لم يترك شيئا إلا قاله ثم قال :
أنشدكم بالله إلا رجعتم وحدثتم به من تثقون به ثم نزل وتفرق الناس على ذلك
احتجاجه عليه السلام على معاوية توبيخا له على قتل من قتله من شيعة أمير المؤمنين وترحمه عليهم
عن صالح بن كيسان (1) قال : لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي عليه السلام فقال :
يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه وأشياعه وشيعة أبيك؟
Bogga 296