اسمعوا ما أتلو عليكم من كتاب الله المنزل على نبيه المرسل لتتعظوا فإنه والله أبلغ عظة لكم فانتفعوا بموعظة الله وازدجروا عن معاصي الله فقد وعظكم الله بغيركم فقال لنبيه صلى الله عليه وآله : ( ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا؟ قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ) (1) ( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال؟ قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) (2).
أيها الناس إن لكم في هذه الآيات عبرة لتعلموا أن الله جعل الخلافة والإمرة من بعد الأنبياء في أعقابهم وأنه فضل طالوت وقدمه على الجماعة باصطفائه إياه وزيادة بسطة في العلم والجسم فهل تجدون أن الله اصطفى بني أمية على بني هاشم وزاد معاوية علي بسطة في العلم والجسم.
واتقوا الله عباد الله وجاهدوا في سبيله قبل أن ينالكم سخطه بعصيانكم له قال الله سبحانه : ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ) (3) وقال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم. تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ) (4).
اتقوا الله عباد الله وتحاثوا على الجهاد مع إمامكم فلو كان لي منكم عصابة بعدد أهل بدر إذا أمرتهم أطاعوني وإذا استنهضتهم نهضوا معي لاستغنيت بهم عن كثير منكم وأسرعت النهوض إلى حرب معاوية وأصحابه فإنه الجهاد المفروض.
** ومن كلامه عليه السلام يجري مجرى الاحتجاج مشتملا على التوبيخ لأصحابه على تثاقلهم عن قتال معاوية والتفنيد متضمنا اللوم والوعيد :
أيها الناس إني استنفرتكم لجهاد هؤلاء فلم تنفروا (5) وأسمعتكم فلم تجيبوا ونصحت لكم فلم تقبلوا شهودا بالغيب (6) [ كالغيب ] أتلو عليكم الحكمة فتعرضون عنها وأعظكم بالموعظة البالغة فتنفرون عنها كأنكم ( حمر مستنفرة فرت من قسورة ) وأحثكم على جهاد أهل الجور فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين أيادي سبا ترجعون إلى مجالسكم تتربعون حلقا تضربون الأمثال وتنشدون الأشعار وتجسسون الأخبار حتى إذا تفرقتم تسألون عن الأخبار جهلا من غير علم وغفلة من غير ورع وتتبعا من غير خوف ونسيتم الحرب
Bogga 173