Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
83

Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Daabacaha

مطبعة السنة المحمدية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] اخْتِلَافَهُمَا، وَاَلَّذِي قَرَّبَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ - عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ - مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا قَالَتْ لِضَيْفِهَا الَّذِي غَسَلَ الثَّوْبَ «إنَّمَا كَانَ يَجْزِيَكَ - إنْ رَأَيْتَهُ - أَنْ تَغْسِلَ مَكَانَهُ، وَإِنْ لَمْ تَرَهُ نَضَحْتَ حَوْلَهُ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّه ﷺ» فَحَصَرَتْ الْإِجْزَاءَ فِي الْغُسْلِ لِمَا رَآهُ، وَحَكَمَتْ بِالنَّضْحِ لِمَا لَمْ يَرَهُ، وَهَذَا حُكْمُ النَّجَاسَاتِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْفَرْكُ الْمَذْكُورُ مِنْ غَيْرِ مَاءٍ: نَاقَضَ آخِرُ الْحَدِيثِ أَوَّلَهُ، الَّذِي يَقْتَضِي حَصْرَ الْإِجْزَاءِ فِي الْغَسْلِ، وَيَقْتَضِي إجْرَاءَ حُكْمِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ عَلَيْهِ فِي النَّضْحِ، إلَّا أَنَّ دَلَالَةَ قَوْلِهَا " لَأَحُكُّهُ يَابِسًا بِظُفْرِي " أَصْرَحُ وَأَنُصُّ عَلَى عَدَمِ الْمَاءِ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْقَرَائِنِ، مِنْ كَوْنِهِ مَفْرُوكًا بِالْمَاءِ، وَالْحَدِيثُ وَاحِدٌ، اخْتَلَفَتْ طُرُقُهُ، وَأَعْنِي بِالْقَرَائِنِ: النَّضْحَ لِمَا لَمْ يَرَهُ، وَقَوْلُهَا: " إنَّمَا كَانَ يُجْزِيَكَ "، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَةً أُخْرَى فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي اُقْتُصِرَ فِيهَا عَلَى ذِكْرِ الْفَرْكِ، قَالَ: هَذَا لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى الْفَرْكِ مِنْ الثَّوْبِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ الثَّوْبُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى ثَوْبِ النَّوْمِ، وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - وَهُوَ قَوْلُهَا " فَيَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ، وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ " - عَلَى ثَوْبِ الصَّلَاةِ، وَلَا يُقَالُ: إذَا حَمَلْتُمْ الْفَرْكَ عَلَى غَيْرِ ثَوْبِ الصَّلَاةِ، فَأَيِّ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِ ذَلِكَ؟؛ لِأَنَّا نَقُولُ: فَائِدَتُهُ بَيَانُ جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الصَّلَاةِ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ قَدْ تَتَمَشَّى لَوْ لَمْ تَأْتِ رِوَايَاتٌ صَحِيحَةٌ بِقَوْلِهَا " ثُمَّ يُصَلِّي فِيهِ " وَفِي بَعْضِهَا " فَيُصَلِّي فِيهِ " وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِ الْفَاءِ لِلتَّعْقِيبِ: أَنَّهُ يُعْقِبُ الصَّلَاةَ بِالْفَرْكِ، وَيَقْتَضِي ذَلِكَ عَدَمَ الْغَسْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ بِالْوَاوِ، وَبِثُمَّ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ وَاحِدًا فَالْأَلْفَاظُ مُخْتَلِفَةً، وَالْمَقُولُ مِنْهَا وَاحِدٌ، فَتَقِفْ الدَّلَالَةُ بِالْفَاءِ إلَّا لِمُرَجِّحٍ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِالْفَاءِ حَدِيثًا مُفْرَدًا، فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ احْتِمَالَ غَسْلِهِ بَعْدَ الْفَرْكِ وَاقِعٌ، لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَيَتَعَارَضُ

1 / 141