Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
78

Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Daabacaha

مطبعة السنة المحمدية

٣٢ - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ «جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ - إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: نَعَمْ، إذَا رَأَتْ الْمَاءَ» .. ــ [إحكام الأحكام] إنَّهُ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ مِنْ اللَّيْلِ " وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ - الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - مُتَمَسِّكٌ لِلْوُجُوبِ، فَإِنَّهُ وَقَفَ إبَاحَةَ الرُّقَادِ عَلَى الْوُضُوءِ، فَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ ﵊ " فَلْيَرْقُدْ " لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، وَلَا لِلِاسْتِحْبَابِ، فَإِنَّ النَّوْمَ مِنْ حَيْثُ هُوَ نَوْمٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبٌ وَلَا اسْتِحْبَابٌ، فَإِذَا هُوَ لِلْإِبَاحَةِ، فَتَتَوَقَّفُ الْإِبَاحَةُ هَهُنَا عَلَى الْوُضُوءِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ. وَاَلَّذِينَ قَالُوا: إنَّ الْأَمْرَ هَهُنَا عَلَى الْوُجُوبِ، اخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ هَذَا الْحُكْمِ، فَقِيلَ: عِلَّتُهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، خَشْيَةَ الْمَوْتِ فِي الْمَنَامِ، وَقِيلَ: عِلَّتُهُ أَنْ يَنْشَطَ إلَى الْغُسْلِ إذَا نَالَ الْمَاءُ أَعْضَاءَهُ، وَبَنَوْا عَلَى هَاتَيْنِ الْعِلَّتَيْنِ: أَنَّ الْحَائِضَ إذَا أَرَادَتْ النَّوْمَ، هَلْ تُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ؟ فَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْمَبِيتِ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ: أَنْ تَتَوَضَّأَ الْحَائِضُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِيهَا وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِحُصُولِ النَّشَاطِ: أَنْ لَا تُؤْمَرَ بِهِ الْحَائِضُ؛؛ لِأَنَّهَا لَوْ نَشِطَتْ لَمْ يُمْكِنْهَا رَفْعُ حَدَثِهَا بِالْغُسْلِ. وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْحَائِضِ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَاعَى هَذِهِ الْعِلَّةَ، فَنَفَى الْحُكْمَ لِانْتِفَائِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يُرَاعِهَا، وَنَفَى الْحُكْمَ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ أَمْرَ الْجُنُبِ بِهِ تَعَبُّدٌ، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، أَوْ رَأَى عِلَّةً أُخْرَى غَيْرَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 136