Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
61

Ihkamka Ahkaamka Sharaxa Cumdatul Ahkaam

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

Daabacaha

مطبعة السنة المحمدية

٢٤ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيَّةِ «أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ عَلَى ثَوْبِهِ، وَلَمْ ــ [إحكام الأحكام] وَاَلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُقَرَّرَ بِهِ قَوْلُ هَذَا الْقَائِلِ: أَنْ يَرَى أَنَّ الْأَصْلَ الْأَوَّلَ - وَهُوَ تَرَتُّبُ الصَّلَاةِ فِي ذِمَّتِهِ - مَعْمُولٌ بِهِ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِمَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَمَا بَقِيَ يُعْمَلُ فِيهِ بِالْأَصْلِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ بِالنَّصِّ إلَى مُنَاسَبَةٍ، كَمَا فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ عَمِلَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ هَذَا الْعَمَلَ، أَعْنِي أَنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ إذَا خَرَجَ عَنْ الْأَصْلِ أَوْ الْقِيَاسِ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مُنَاسَبَةٍ، وَسَبَبُهُ: أَنَّ إعْمَالَ النَّصِّ فِي مَوْرِدِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْعَمَلُ بِالْأَصْلِ أَوْ الْقِيَاسِ الْمُطَّرِدِ: مُسْتَرْسِلٌ، لَا يُخْرَجُ عَنْهُ إلَّا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِيمَا زَادَ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ النَّصِّ فِي مَوْرِدِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُنَاسِبًا أَوْ لَا، وَهَذَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى إلْغَاءِ وَصْفِ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ، وَيُمْكِنُ هَذَا الْقَائِلَ مَنْعُ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَائِلُ نَظَرَ إلَى مَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّكُّ لِمَنْ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَوْنُهُ فِي الْمَسْجِدِ أَعَمَّ مِنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا إلْغَاءُ ذَلِكَ الْقَيْدِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الْقَائِلُ الْآخَرُ، وَهُوَ كَوْنُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَبْقَى كَوْنُهُ شَاكًّا فِي سَبَبٍ نَاجِزٍ، إلَّا أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ كَوْنَهُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْحُضُورَ فِي الْمَسْجِدِ يُرَادُ لِلصَّلَاةِ، فَقَدْ يُلَازِمُهَا فَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا، وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ مَجَازًا - إلَّا أَنَّهُ يَقْوَى إذَا اُعْتُبِرَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَكَانَ حَدِيثًا وَاحِدًا مَخْرَجُهُ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ اخْتِلَافًا فِي عِبَارَةِ الرَّاوِي بِتَفْسِيرِ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ بِالْآخَرِ، وَيَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ: كَوْنُهُ فِي الصَّلَاةِ. الثَّانِي: وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ - مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ» وَهَذَا الْمَعْنَى يَقْتَضِي مُنَاسَبَةَ السَّبَبِ الْحَاضِرِ لِإِلْغَاءِ الشَّكِّ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذِهِ الْمَبَاحِثَ لِيَتَلَمَّحَ النَّاظِرُ مَأْخَذَ الْعُلَمَاءِ فِي أَقْوَالِهِمْ، فَيَرَى مَا يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ فَيُرَجِّحَهُ، وَمَا يَنْبَغِي إلْغَاؤُهُ فَيُلْغِيَهُ، وَالشَّافِعِيُّ ﵀ أَلْغَى الْقَيْدَيْنِ مَعًا - أَعْنِي كَوْنَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَكَوْنَهُ فِي سَبَبٍ نَاجِزٍ - وَاعْتَبَرَ أَصْلَ الطَّهَارَةِ.

1 / 119